للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

لخالقه أم لا؟ وبعد فلعلّ في بلاد الله بلاداً وبقاعاً كثيرة لا تمطر وأخرى لا تخلو من المطر.

وقد حكى النصارى أن بين هذه [القرية] ١ وبين القسطنطينية نحواً من ألف فرسخ. وهذا دأبهم فيما يستشهدون به على/ (٢/٨١/أ) أباطيلهم فإنهم يبعدون شاهدهم غاية البعد ليعسر على الممتحن مراجعته، وليت شعري هل كان يعدو أمر ذلك المطر إما أن يكون الله هو الذي ساقه أو مَلَكٌ من قِبَل الله أو سحابة سخرها الله، فإن كان إنما انتهر الغيم والسحاب فهذا سخيف العقل إذ وَبَّخ من لا يعقل ولا يفهم ولا ذنب له. وإن كان إنما وبخ الملك المتولي سوقها فهو جاهل إذ الملك إنما يصدر عن أمر الله تعالى. وإن كان إنما خاطب الله فقد زعم أن لله إلهاً فوقه.

وبالجملة ففي إنجيل يوحنا هذا أمور انفرد بها عن أصحابه ولم يوافقوه عليها، والنصارى يكاتمونا٢ اختلافهم ولا يبوحون به لنا؛ لأنه اختلاف في الإله نفسه وليس هو في الفروع فيغتفر.

٨١- فضيحة أخرى: قال النصارى: إن المسيح لم يتكلم في المهد ولم ينطق ببراءة أمه مريم صغيراً، بل أقام ثلاثين سنة واليهود تقذف أمه بيوسف النجار وتحكم بأنه ولد زنا. فلزم على سياق قولهم أنه لم تلقَ أُمٌّ بسبب ولدها من الشّرّ ما لقيت مريم من المسيح؛ لأنه فضحها وهتك سترها ودعا / (٢/٨١/ب) إلى رميها٣ بالزنا ولم يدفع عنها بحجّة تقطع شغب اليهود وهو قادر على ذلك. ثم إنه كَلَّفها عبادته فأوجب عليها الصوم والصلاة وألزمها ترك الشهوات ومخالفة الهوى فهي ملتزمة


١ في م، ص (الفرقة) والتصويب من المحقِّق.
٢ في م: يكاتمون.
٣ في م: خرمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>