للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك إما خوفاً من عقابة أو رجاءً لثوابه. ثم قضى عليها الموت وجَرَّت غصصه١ وسلط عل جسدها البلى. وهذا شيء لم يُعرف في بِرِّ الأولاد وما سمعنا بعاقٍ بلغ هذا المبلغ من أمه. فبمقتضى قولهم إنه كان مشؤوماً عليها والله تعالى يقول في حقِّه: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَمَا كُنْتُ} - إلى قوله: {وَبَرّاً بِوَالِدَتِي} ٢.

٨٢- فضيحة أخرى: ربما عَرَّضَ بعض النصارى بردة ابن أبي السرح٣ عن الإسلام. وقال: كيف يكون نبيّاً يوحي إليه ولا يعلم بحال من يرشحه ويختاره لكتابة الوحي. فيقال له: يا أخرق، النبيّ لا يعلم من المغيّبات إلاّ القدر الذي أعلمه الله به وكونه لا يعلم بفساد نية من يصحبه لا يقدح ذلك في نبوّته. فإن أبيت إلاّ القول بذلك فارغب بنفسك عن اتّباع المسيح؛ فإنك رويت وروى أصحابك وأهل دينك أن المسيح/ (٢/٨٢/أ) اختار رجلاً من تلاميذه الاثني عشر الذين شهد لهم بإدانة بني إسرائيل يوم القيامة وَوَلاّه صندوق مال الصدقات وقدمه على غيره من أصحابه ورشحه لأمانته وهو يهوذا


١ في م: غصه.
٢ قال تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاًً وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً} . [سورة مريم، الآية:٣١-٣٢] .
٣ هو: عبد الله بن سعد بن أبي السرح القرشي العامري رضي الله عنه. أسلم قبل الفتح. وكان من كُتَّاب الوحي. ثم ارتد فأهدر النبيّ صلى الله عليه وسلم دمه يوم الفتح. فاستجار له عثمان بن عفان - أخوه من الرضاعة - فعاد مسلماً. وكان صاحب الميمنة في الحرب مع عمرو بن العاص في فتح مصر. ثم ولي مصر في عهد عثمان رضي الله عنه. ولما وقعت الفتنة سكن عسقلان ولم يبايع عليّاً ولا معاوية. ومات سنة ٥٩هـ. في آخر عهد معاوية. وقال الذهبي: "الأصح وفاته في خلافة عليّ - رضي الله عنهم جميعاً". (ر: ترجمته في: الإصابة ٤/٧٧، سير أعلام النبلاء ٣/٣٣-٣٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>