للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسخريوطي - كفر وفجر وواطأ اليهود على المسيح وارتشى منهم على المسيح ثلاثين درهماً وزاد على ابن أبي السرح بأن قتل نفسه كافراً. فأما ابن أبي السرح فإنه راجع الإسلام ومات مؤمناً١.

فإذا كُفْر من كَفَر من أتباع النبيّ لا يقدح في نبوته بدليل أن اليهود كفروا بعد موسى في حياته عبدوا العجل. ولم يقدح ذلك في نبوة موسى وصحّة رسالته.

٨٣- فضيحة أخرى: عاب النصارى قول ربّنا: {وَلَو شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} . [سورة السجدة، الآية: ١٣] ٢. ونظائرها في إثبات الخير والشّرّ من الله تعالى٣. وقالوا: لا يفعل


١ حديث إسلام عبد الله بن سعد بن أبي السرح بعد ردته رواه ابن إسحاق معلقاً. (ر: السيرة لابن هشام ٤/٧٣) . وأخرجه وأبو داود ٣/١٣٣، ١٣٤، والنسائي في كتاب الحدود. (ر: صحيح النسائي للألباني ٣/٨٥٢) . والحاكم ٣/٤٥، وأبو يعلى في مسنده ١/٢١٦، كلهم من طريق أحمد بن المفضل ثنا أسباط بن نصر. قال: زعم السدي عن مصعب بن سعد عن سعد قال: ... فذكره في سياق طويل.
قال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم" ووافقه الذهبي.
قال الشيخ الألباني: "إلاّ أن أسباط بن نصر وأحمد بن المفضل قد تكلم فيهما بعض الأئمة من جهة حفظهما. لكن الحديث له شاهد يتقوى به يرويه نافع أبو غالب عن أنس رضي الله عنه. أخرجه أبو داود. (ح ٣١٩٤، وأحمد ٣/١٥١، بسند حسن. فالحديث بهذا الشاهد صحيح إن شاء الله تعالى". اهـ. (ر: سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤/٣٠٠ ح ١٧٢٣) .
٢ وكقوله تعالى: {قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ... } . [سورة النساء، الآية: ٧٨] . وغيرهما من الآيات في سورة الأنعام: ٣٩، ١٢٥، والإنسان: ٣٠، والتكوير: ٢٩.
٣ دلت النصوص الشرعية على نفي نسبة الشّرّ إلى الله تعالى. وأنه لا ينسب إليه عزوجل إلاّ الخير. فقال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} . [سورة آل عمران، الآية: ٢٦] .
وقال صلى الله عليه وسلم - في ثنائه على ربّه دعاء الاستفتاح -: "لبيك سعديك والخير في يديك. والشّرّ ليس إليك. تباركت وتعاليت". أخرجه مسلم ١/٥٣٤. وهذا يدل على أن الشّرّ لا يضاف إلى الله تعالى ولا وصفاً ولا فعلاً ولا يتسمّى باسمه بوجه من الوجوه. بل يدخل في مفعولاته ومخلوقاته. والله سبحانه لا يوصف بشيء من مخلوقاته ومفعولاته، وإنما يوصف بفعله وخلقه ولا يجيء في كلام الله تعالى إضافة الشّرّ وحده إلى الله. بل لا يذكر الشّرّ إلاّ على أحد وجوه ثلاثة:

<<  <  ج: ص:  >  >>