للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون مراد الله أقلّ وقوعاً وأن إرادة الشيطان أنفذ من إرادة الباري./ (٢/٨٢/ب) وكذلك يلزمهم من عزو الشرور إلى النفوس ممن ينكر وجود الشياطين من اليهود وغيرهم - أن يكون سلطان النفوس أنفذ من سلطان الله.

ولو عقل النصارى واليهود لعرفوا في كتبهم ما أنكروا علينا إذ هو مسطور في صحفهم ولكن لا يهتدون إليه سبيلاً. قال الله تعالى في التوراة لموسى: "امض إلى فرعون وقل له: أرسل شعبي يعبدني وأنا أقسي قلب فرعون فلا يرسلهم"١. ثم قالت التوراة عقيب كلّ آية صنعها موسى بحضرة فرعون: "وقسى الله قلب فرعون فلم يؤمن كما قال الرّبّ"٢. هذا تصريح من الله لا جمجمة٣ بأنه سبحانه هو الذي يقذف في قلبه القسوة والكفر وهذا بعينه هو قول المسلمين أن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء؛ ولأنه تعالى لو أراد هداية فرعون لشرح صدره للإيمان ولم يقس قلبه كما قال تعالى: {فَمَنْ يُرْدِ الله أَنْ يَهْدِيَه يَشْرَحُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرْد أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} . [سورة الأنعام، الآية: ١٢٥] .

ولما أخرج الصاع من رَحْلِ بنيامين جزع إخوته / (٢/٨٣/أ) وقالوا: من عند الله نزلت هذه الخطيئة. كما نطقت به التوراة٤. وهذا دليل على أنهم كانوا يعتقدون صدور الخير والشّرّ من الله تعالى. وهذا الجنس في التوراة كثير. وقال٥ بلعام بن فعرو - لما قال له الملك: العن لنا بني إسرائيل. فقال: إني لا أستطيع أن أفعل خيراً ولا شرّاً من قبل نفسي وإنما أقول ما أمرني به الرّبّ. ذكرت التوراة٦ ذلك.


١ خروج ٩/١، ١٢.
٢ خروج ٩/١٢، ١٠/١، ٢٠.
٣ في م: حمه. والجَمْجَمَة: أن لا يبين كلامه وإخفاء الشيء في الصدر. (ر: القاموس ص ١٤٠٨) .
٤ تكوين ٤٤/١٥، ١٦، ٤٥/٥، ٧-٨.
٥ في م: (وقال بلعام ... إلى ... ذكرت التوراة ذلك) ساقطة.
٦ عدد ٢٢/٣٨، ٢٤/١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>