للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فتعجب مَنْ حضر كيف زلت بهم القدم، حتى اعتقدوا اتّحاد العَدَم بالقِدَم؟ ومن أين قادهم الخبيث إلى القول بالتثليث وروَّج عليهم المحال، فدانوا بعبادة الرجال؟ واستعبدوا أن يعتقد لبيب أن الإله يصلب على صليب، أو يستقرّ في الأحلام أن تشتمل على القديم الأرحام!!!.

فقلت: إن من المستحيل أن يضلّ السالك مع وجود الدليل، وعيسى عليه السلام فهو خِرِّيت١ عارف بالطريق، وله من ربّه تعالى أوفى رفيق، وقد شهد له المصطفى - وهو المُزكَّى المعدَّل - بأنه بلغ عن الله، ولم يبدِّل، قال ربّنا جلّ اسمه حكاية عنه: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُم وَكُنْتُ عَلَيْهُم شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِم ... } . [سورة المائدة، الآية: ١١٧] .

لكن ربما خلف من بعده خُلُوف٢ كالخلوف٣ واستعوص٤/ (١/٤/أ) عليهم كلامه فتناولوا بأيدي التحريف الحروف، وأتاهم العدوّ من قبل الألفاظ فغلظهم وجرأهم على الكفر بإجرائها على الظاهر فورطهم. ومعلوم أنّ كلّ تنْزِيل [لا يخلو] ٥ عن جملة من الظواهر لعرض التأويل يضلّ بها الجاهلون وما يعقلها إلاّ العالمون.


١ في ش: أي: دليل حاذق ماهر.
٢ الخلَف - بالتحريك والسكون -: كلّ من يجيء بعد من مضى، إلاّ أنه بالتحريك في الخير، والتسكين في الشرّ، يقال: خلَف صِدق، وخَلف سوء. ومعناهما جميعاً القرن من الناس، وخَلف جمعه خلُوف.
٣ الخِلفَة - بالكسر -: تغير ريح الفم، لأنها رائحة حدثت بعد الرائحة الأولى، يقال: خَلف فمه يخلف خِلفة وخلوفاً. ومنه الحديث: "لخلوف فم الصائم ... ". (ر: النهاية لابن الأثير ٢/٦٥-٦٨) ، القاموس ص ١٠٤٣، ١٠٤٤) .
٤ في ش: استصعب.
٥ في ص: (لا يخلوا) والتصويب من المحقِّق.

<<  <  ج: ص:  >  >>