للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا أراد الله -تعالى- أن يمتلئ عصر ابن مالك بالأحداث الهامة في الخارج والخطيرة في الداخل، حيث اتسمت أساليب الحكم في البلاد، التي عاش فيها بشيء غير قليل من العوج، والتلذذ بمناظر الدم.

وعلى العكس من ذلك عاصر الشيخ -رحمه الله- نهضة علمية عارمة، في الأندلس حين أشرقت شمس اللغة العربية فأضاءت ما حولها، وبددت ظلمات الجهل عما يجاورها من البلاد الأوربية.

وفي المشرق الإسلامي حين أصبحت أرض الكنانة، وما يتبعها من أقاليم ملجأ للعلماء الفارين من المشرق، ومأوى للعلماء الراحلين من المغرب، وكانت فرصة سانحة لتكاتف العلماء لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من التراث الثقافي الإسلامي، الذي كاد يجني عليه الجهل، والظلم، والتوحش.

وكان لإقبال الحكام، وأولي الأمر على العلم، وتقريبهم أساتذته، وتشجيعهم طلابه، وتيسيرهم سبل الحياة للراغبين فيه، ومعاونتهم بإقامة المكتبات، وتسابقهم في تشييد المدارس في مختلف أرجاء البلاد أثره الذي لا ينكر في ازدهار العلوم والفنون.

على أن الحركة العلمية في المشرق والمغرب كانت متقاربة، وتسير في اتجاه واحد، وساعد على هذا اتحاد المنبع الذي كان يروي غلة علماء العربية في كل مكان.

وهجرة العلماء من مكان إلى آخر، حيث كان الوطن الإسلامي كله كوادي النمل لا يخلو من جماعات تذهب، وجماعات تجيء.

وربما كان من أهم أسباب قرب الحركة العلمية في المغرب،

<<  <  ج: ص:  >  >>