ويكفيه شاهدا على ما وصفته به أن أحد شيوخه الذين عول عليهم في قراءة القرآن عثمان بن عفان رضي الله عنه وتجويز ما قرأ به في قياس التجويز قوي، وذلك لأنها قراءة اشتملت على فصل بفضلة بين عاملها المضاف إلى ما هو فاعل فحسن ذلك ثلاثة أمور: أحدها: كون الفاصل فضلة، فإنه بذلك صالح لعدم الاعتداد به. الثاني: كونه غير أجنبي لتعلقه بالمضاف. الثالث: كونه مقدر التأخير من أجل أن المضاف إليه مقرر التقدم بمقتضى الفاعلية المعنوية. فلو لم تستعمل العرب الفصل المشار إليه لاقتضى القياس استعماله؛ لأنهم قد فصلوا في الشعر بالأجنبي كثيرا، فاستحق الفصل بغير أجنبي أن يكون له مزية فحكم بجوازه. هكذا قبل المصنف قراءة ابن عامر، ودافع عنها، ولم يمنعه من ذلك موقف العداء الذي وقفه بعض العلماء منها، حين رفضوها، واتهموا صاحبها بالجهل، ورموه بالخطأ واللحن، والبعد عن قياس العربية كما فعل الزمخشري في الكشاف وابن الأنباري في الإنصاف. ومما قاله الزمخشري في الكشاف ٢/ ٤٢: "وأما قراءة ابن عامر "قتل أولادهم شركائهم" برفع القتل، ونصب الأولاد وجر الشركاء على إضافة القتل إلى الشركاء والفصل بينهما بغير الظرف فشيء لو كان في مكان الضرورات وهو الشعر لكان سمجا ومردودا كما سمج ورد: زج القلوص أبي مزاده فكيف في الكلام المنثور؟ . فكيف به في القرآن المعجز بحسن نظمه وجزالته؟ والذي حمله -يقصد ابن عامر- على ذلك أن رأى في بعض المصاحف "شركائهم" مكتوبا بالياء. =