ولو قرأ -يعني ابن عامر- بجر الأولاد والشركاء لأن الأولاد شركاؤهم في أموالهم لوجد في ذلك مندوحة عن هذا الارتكاب. وقال ابن الأنباري في المسألة الستين في الإنصاف: ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير الظرف وحرف الخفض لضرورة الشعر. وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز ذلك بغير الظروف وحرف الجر. أما الكوفيون فقد احتجوا بقراءة ابن عامر -أحد القراء السبعة- "وكذلك زُيِّن لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم". وأما البصريون فقالوا: إن هذه القراءة لا يسوغ لكم الاحتجاج بها؛ لأن الإجماع واقع على امتناع الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول في غير ضرورة الشعر والقرآن ليس فيه ضرورة. وإذا وقع الإجماع على امتناع الفصل بينهما في حال الاختيار سقط الاحتجاج بها على حالة الاضطرار. قال الأنباري: ولو كانت هذه القراءة صحيحة لكان ذلك من أفصح الكلام. وفي وقوع الإجماع على خلافه دليل على وهي هذه القراءة. وكان المنهج الحق يطالب أمثال هؤلاء العلماء بالنظر في القراءة نفسها، فمتى صح سندها، ووافقت أحد المصاحف العثمانية -ولو احتمالا- لا يصح ردها، وتفضيل القاعدة النحوية عليها. فإنه لا ينبغي أن يقاس القراءة على شيء! بل الواجب أن يقاس عليه، فهو النص الصحيح الثابت المتواتر. وليس هناك نص مما يستشهد به يشبهه في قوة إثباته، وتواتر روايته والقطع بصحته. والرواية إذا ثبت عن أئمة القراءة لم يردها قياس عربية، ولا فشو لغة؛ لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها.