للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: "سنستجد خلاف الحالتين غدًا"، جميع فيما قسَمَ لطيفٌ، وقد ازدادَ لُطفاً بحُسنِ ما بَناه عليه، ولُطْفِ ما توصَّل به إِليه من قولِه: "فقد سكنتُ إِلى أنَّي وأنكم".

٨٤ - وإذْ قد عرفتَ هذا النمطَ منَ الكلام، وهو ما تتَّحِدُ أَجزاؤه حتى يُوضَعَ وَضْعاً واحداً، فاعلمْ أَنه النمطُ العالي والبابُ الأَعْظم، والذي لا تَرى سلطانَ المزيةِ يَعْظُم في شيءٍ كَعِظَمه فيه.

وممَّا نَدرَ منه ولطُفَ مأْخذُه، ودقَّ نظرُ واضعِه، وجلَّى لكَ عن شأوٍ قد تحسر دونه العِتاقُ، وغايةٍ يعيى من قبلها المذاكي الفرح١ الأبيات المشهورة في تشبيه شيئين بشيئين، كبيت امرئ القيس:

كأنَّ قُلوبَ الطيرِ رَطْباً ويابساً ... لَدى وَكْرِها العناب والحشف البالي٢

وبيت الفرزدق:

والشيبُ يَنْهضُ في الشَّبابِ كأنَّهُ ... ليَلٌ يَصِيحُ بجانبيه نهار٣


١ "العتاق" يعني الخيل العتاق، و "المذاكي" جمع "المذكى"، وهي من الخيل الجياد التي بغلت الذكاء، وهي سن القروح، و "القرح"، جمع "قارح"، وهو من الخيل ما بلغ خمس سنين، وتم تمامه.
٢ في ديوانه، وفي المطبوعة: "بيت امرئ القيس" وفي "س": "كقول امرئ القيس"، والذي أثبته أرجح وأمضى في السياق.
٣ في ديوانه، وفي هامش المخطوطة "ج"، "يصبح، أي يطرده من كلا جانبين [كقوله]:
فدع عنك نهبًا صيح في حجراته
"على هذا المعنى نفسه، فقال .... فلافت بصحراء ... " الكلام متآكل.