للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشكِّ، وذاك أنه إِنما يَقولُ هذا مَنْ ظَنَّ أنه يصادفه في منزله، وأنه يَصل إليه مِنْ قَبْل أنْ يَرْكَب١.

فإِن قُلْتَ: فإنكَ قد تقولُ: "جئتُه وقد رَكبَ" بهذا المعنى، ومع هذا الشكِّ.

٢ فإنَّ الشكَّ لا يَقْوى حينئذٍ قوَّتَه في الوجهِ الأول، أَفلا تَرى أَنكَ إِذا استبطأْتَ إنساناً فقلْتَ: "أتانا والشمسُ قد طلعَتْ"، كان ذلك أبلغَ في استبطائكَ له من أن تقولَ: "أتانا وقد طلعتِ الشمسُ؟ " وعكسُ هذا أَنكَ إذا قلتَ: "أتَى والشمسُ لم تَطْلعْ"، كان أقوى في وصفك له بالعَجَلة والمَجيء قَبْل الوقتِ الذي ظُنَّ أنه يَجيءُ فيه، من أن تقول: "أَتى ولم تَطْلع الشمسُ بعدُ".

هذا، وهو كلامٌ لا يكادُ يَجيءُ إلاَّ نابياً، وإنَّما الكلامُ البليغُ هو أنْ تبدأَ بالاسم وتَبني الفعلَ عليه كقوله:

قد أغتدي والطيرُ لم تَكَلَّمِ٣

فإِذا كانَ الفعلُ فيما بعْدَ هذهِ الواوِ التي يُراد بها الحالُ، مضارِعاً، لم يَصْلحُ إلا مبنياً على اسم كقولك: "رأيتُه وهو يكْتُبُ"، و "دخلْتُ عليه وهو يملي الحديث"٤، وكقوله:


١ في المطبوعة: "أن يصادفه .... وأن يصل".
٢ "فإن الشك" جواب قوله قبل: "فإن قلت ..... ".
٣ لم أقف عليه بهذا اللفظ.
٤ في المطبوعة: "وهو على الحديث".