ثَبُتتْ لها وفيها هذه الصفةُ، وجرَى مَجْرى أن يقالَ:"إلى ضوءِ نارٍ عظيمةٍ" في أنه لا يفيدُ فعلاً يُفْعل وكذلك الحالُ في قوله:
بعثوا إليَّ عريفهم بتوسم
وذلك لأنَّ المعنى على توسُّم وتأملٍ ونظرٍ يتجدَّد من العَريف هناك حالاً فحالاً، وتصفُّحٌ منه للوجوه واحداً بعدَ واحدٍ. ولو قِيل:"بَعثوا إليَّ عريفَهم متوسِّماً"، لم يُفد ذلك حقَّ الإفادة.
١٨٩ - ومن ذلك قولُه تعالى:{هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[فاطر: ٢]، لو قيلَ:"هل من خالقٍ غيرُ اللهِ رازقٌ لكم"، لكان المعنى غيرَ ما أُريدَ.
١٩٠ - ولا ينبغي أن يَغُرَّكَ أنَّا إذا تكلَّمْنا في مسائل المبتدأ والخبر قدَّرْنا الفعلَ في هذا النحو تقدير الاسم، كما تقول، في "زيدٌ يقومُ"، إنه في موضعِ "زيدٌ قائمٌ"، فإنَّ ذلك لا يَقْتضي أن يستويَ المعنى فيهما استواءً لا يكون من بَعْدِهِ افتراقٌ، فإنهما لوِ اسْتويا هذا الاستواءَ، لم يكن أحدُهما فِعْلاً والآخرُ اسماً، بل كان يَنْبغي أن يكون جميعًا فعلين، أو يكونا اسمين.