للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعنى في قولك: "زيدٌ هو المنطلقُ"، فعلى القصد إلى انطلاق كان مرة وادة، لا إلى جنسٍ من الانطلاقِ. فالتكرُّر هناك غيرُ مُتصوَّر، كيفَ؟ وأنتَ تقولُ: "جريرٌ هو القائل وَليْسَ لِسَيفي في العِظَامِ بقيةٌ"١، تُريد أن تُثبتَ له قِيلَ هذا البيتِ وتأليفَه.

فأفْصِلْ بينَ أن تقصِدَ إلى نوعِ فعلٍ، وبينَ أن تقصدَ إلى فعلٍ واحدٍ متعيَّنٍ، حالهُ في المعاني حال زيد في الجرال، في أنه ذات بعينها.

الوجه الثالث:

١٩٧ - والوجه الثالث: أن لا يَقصد قصْرَ المعنى في جنسِه على المذكورِ، لا كما كان في "زيدٌ هو الشجاعُ"ـ تُريد أن لا تعتدَّ بشجاعةِ غيرهِ ولا كما تَرى في قولِه: "هُو الواهبُ المئةَ المصطفاةَ"، ولكن على وجهٍ ثالثٍ، وهو الذي عليه قولُ الخنساء:

إذا قَبُحَ البكاءُ على قتيلٍ ... رأَيْتُ بكاءَكَ الحسَنَ الجَميلا٢

لم تُرِدْ أنَّ ما عدا البكاءَ عليه فليس بحَسَنٍ ولا جَميل، ولم تُقّيِّدِ الحَسَن بشيءٍ فيتُصوَّر أن يُقْصَرَ على البقاء، كما قَصَرَ الأعشى هبةَ المئةِ على الممدوح، ولكنها أرادتْ أن تُقِره في جنسِ ما حُسْنُهُ الحُسْنُ الظاهرُ الذي لا يُنْكرهُ أحدٌ، ولا يَشكُّ فيه شاكُّ.

١٩٨ - ومثُله قولُ حسان:

وإنَّ سَنام المَجْدِ مِنْ آلِ هاشمٍ ... بَنُو بنت مخزوم ووالدك العبد٣


١ انظر الفقرة السالفة: ١٩٤.
٢ في ديوانها.
٣ في ديوانه.