للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي صلى الله عليه وسلم إليه ذِكراً وقرآناً، تأكيدٌ وتثبيتٌ لنَفي أن يكونَ قد عُلِّم الشعرَ وكذلك إثباتُ ما يتلوهُ عليهم وحياً مِنَ الله تعالى١، تأكيدٌ وتقريرٌ لنفيِ أن يكون نُطِق به عَنْ هوى٢.

٢٦٣ - وأعلمْ أنَّه ما من عِلْمٍ من علوم البلاغة أنت تقول فيه: "إنه خَفيٌّ غامضٌ، ودقيقُ صَعْبٌ" إلاّ وعِلْمُ هذا البابِ أغمضُ وأخفى وأدقُّ وأصعبُ. وقد قِنَعَ الناسُ فيه بأنْ يقولوا إذا رأوا جملة قد تُرِكَ فيها العطفُ: "إنَّ الكلامَ قد استؤنفَ وقُطِعَ عما قبله"، لا تطلبُ أنفسُهم منه زيادة على ذلك. ولقد غَفِلوا غَفْلةً شديدة.

الجملة يظهر فيها وجوب العطف، ثم يترك العطف لعارض:

٢٦٤ - وممَا هو أصلٌ في هذا الباب أنَّك قد ترى الجملةَ وحالُها معَ التي قبلها حالُ ما يُعْطَفُ ويُقْرَنُ إلى ما قبلَه، ثم ثراها قَدْ وجبَ فيها تركُ العطفِ، لأمرٍ عرضَ فيها صارت به أجنبية مما قبلها.

مثال ذلك قولهُ تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة: ١٤]، وذلك أنه ليس بأجنبي مِنْه، بل هو نظيرُ ما جاءَ معطوفاً من قولهِ تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء: ١٤٢] وقوله: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّه} [آل عمران: ٥٤]، وما أشبهَ ذلك مما يُرَدُّ فيه العَجُزُ على الصَّدر، ثم إنك تجدهُ قد جاءَ غير معطوف، وذلك لأمر أوجب أن


١ تحت قوله "وحيًا" في هامش "ج" ما نصه: "نصب على الحال".
٢ في "س" والمطبوعة: "تقرير لنفي"، ولم يذكر "تأكيد".