مجموعِ الجملتين لا في إحداهُما، وإِذا علمتَ ذلك في الشرطِ، فاحْتذِه في العطفِ، فإِنكَ تجدُه مثلَه سواءً.
٢٨٤ - ومما لا يكونُ العطْفُ فيه إلا على هذا الحَدِّ قولُه تعالى:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ، وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ}[القصص: ٤٤، ٤٥]، لو جرَيْتَ على الظاهرِ فجعَلْتَ كلَّ جملةٍ معطوفةً على ما يَليها، منعَ منه المعنى. وذلك أنه يلزَمُ منهُ أن يكونَ قولُه:{وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ}، وذلك ما لا يَخْفى فسادُه.
وإِذا كانَ كذلك، بانَ منه أنه ينبغي أن يكون قد عُطِفَ مجموعُ "وما كنتَ ثاوياً في أهل مدين" إلى "مرسلين"، على مجموعِ قولهِ:{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ} إلى قوله "العُمُر".
٢٨٥ - فإِن قلت: فهَلاَّ قدَّرْتَ أن يكونَ: {وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ} معطوفاً على: {وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ}، دونَ أن تزعمَ أنه معطوفٌ عليه مضموماً إليه ما بعدَهُ إلى قولهِ:"العمرُ"؟
قيل: لأنَّا إنْ قدَّرْنا ذلك، وجبَ أن يُنوى به التقديمُ على قوله:{وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا} وأن يكونَ الترتيبُ "وما كنتَ بجانبِ الغربيِّ إذا قَضَيْنَآ إلى مُوسَى الأمر وَمَا كنتَ مِنَ الشاهدين، وما كنتَ ثاوياً في أهل مَدْيَنَ تتلوا عليهم آياتنا