للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو: كما لا يَخْفَى، كلامٌ معَ مَنْ لا يَرى أنَ الأمْرَ كما قال، بل يُنْكِرهُ ويَعْتقد خلافَه. ومعلومٌ أنه لم يقلْه إلاَّ والمرأةُ تَحْدوهُ وتبعثُه على التعرُّضِ للناس، وعلى الطلب.

"إن"، ومجيئها في التهكم، وشرطها إذا كانت في جواب سائل:

٣٨٦ - ومن لطيفِ مواقعِها أنْ يُدَّعى على المخاطَب ظَنَّ لم يظنَّه، ولكنْ يُرادُ التهكُّم به، وأنْ يُقالَ: "إنَ حالَكَ والذي صنَعْتَ يَقْتضي أن تكونَ قد ظننْتَ ذلكَ". ومثالُ ذلكَ الأول:

جاء شقيق عارضًا محه، ... إنَّ بَني عَمِّكَ فيهمْ رِماحْ١

يقولُ: إنَّ مجيئَه هكذا مُدِلاً بنَفْسِه وبشجاعَتِهِ قد وضعَ رمْحَه عرضاً، دليلٌ على إعجابٍ شديدٍ، وعلى اعتقاد منه أنه لا يقوم لهأحد، حتى كأنْ ليس مع أحدٍ منَّا رمحٌ يدفَعَهُ به، وكأنَّا كلَّنا عُزْلٌ.

وإِذا كان كذِلكَ، وَجَبَ إذا قيلَ أنَّها جوابُ سائلٍ، أنْ يُشْتَرَطَ فيه أنْ يكونَ للسائلِ ظنٌّ في المسئول عنه على خلافِ ما أنتَ تُجيبُهُ به. فأمَّا أَنْ يُجْعل مجرَّدُ الجوابِ أصْلاً فيه فلا، لأنه يؤدي إلى أنْ لا يَسْتقيم لنا إذا قال الرجلُ: "كيفَ زيد؟ " أنْ تقولَ: "صالحٌ"، وإِذا قال: "أينَ هو؟ " أن تقول: "في الدار" وأنْ لا يصحَّ حتى تقولَ: "إنه صالحٌ"، "وإنه في الدار"، وذلك ما لا يقولُه أحَد.


١ الشعر لخجل بن نضلة، أحد بني عمروبن عبد بن قتيبة بن معن بن أعصر، في البيان والتبيين ٣: ٣٤٠، والمؤتلف والمختلف: ٨٢.