للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤٠٥ - وجملةُ الأمْر أنَّ الواجبَ أنْ يكونَ اللفظُ على وجهٍ يَجعلُ الاختصاصَ فيه للفرزدق. وذلك لا يكونُ إلاَّ بأنْ يُقدِّم "الأحسابَ" على ضميرِه، وهو لو قال: "وإِنما أُدافِع عن أَحسابهم"، استكنَّ ضميرُه في الفعل، فلم يتصوَّر تقديمُ "الأحسابِ" عليه، ولم يقعِ "الأحساب" إلاَّ مؤخَّراً عن ضَمير الفرزدق، وإِذا تأخرتْ انصرفَ الاختصاصُ إِليها لا مَحالة.

فإنْ قلتَ: إِنَّه كان يمكنه أنْ يقولَ١: "وإِنما أُدافِعُ عن أحسابهم أَنا"، فيقدِّمَ "الأحسابَ" على "أنا".

قيل: إِذا قال: "أُدافِع" كان الفاعلُ الضميرَ المستكنَّ في الفعلِ، وكان "أنا" الظاهرُ تأكيداً له، أعني للمستكن، والحكم يتعلق باملؤكد دون التأكيد، لأنَّ التأكيدَ كالتكريرِ، فهو يجيءُ من بَعْد نفوذِ الحكْم، ولا يكونُ تقديمُ الجارِّ مع المَجْرور، الذي هو قولُه "عن أحسابهم" على الضمير الذي هو تأكيدٌ، تقديماً له على الفاعلَ، ولا يكونُ لكَ إِذا قلتَ: "وإِنَّما أُدافعُ عن أحسابِهم"، سبيلٌ إِلى أن تَذْكُر المفعولَ قبل أن تذكُرَ الفاعلَ، لأنَّ ذكْرَ الفاعل


= لقينا منهم جمعا ... فأوفى الجمع ما كانا
كَأنَّا يومَ قُرَّى إنَّـ ... ما نَقْتُل إيَّانا
قتلنا منهم كل ... فتى أبيض حسانا
يرى يرفل في بردين ... من أبراد نجرانا
إذايسرح ضأنًا مـ ... ـئة أتبعها ضانًا
١ في المطبوعة: "كان عليه"، خطأ بلا ريب.