للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل لك: فإِذا كان مُحالاً أن يَجِبَ في الألفاظ ترتِيبٌ مِنْ غيرِ أنْ يتوخَّى في معانيها معانيَ النحو، كان قولُكَ: "إنْ الشاعرَ ابتدأ فيها ترتيباً"، قولاً بما لا يتحصل.

لا يكون ترتيب حتى يكون قصد إلى صورة وصفة:

٤٣٤ - وجملةُ الأمرِ أنَّه لا يكونُ ترتيبٌ في شيءٍ حتَّى يكونَ هناكَ قصْدٌ إلى صورةٍ وصنْعةٍ إنْ لم يُقدَّم فيه ما قُدِّم، ولم يُؤخَّر ما أُخِّر، وبُدئَ بالذي ثُنيَ به، أو ثنِّي بالذي ثُلِّث به، لم تحْصلْ لكَ تلكَ الصورةُ وتلك الصفة، وإذا كان كذلك، فينبغي أن تنظر إلى الذي يَقْصِدُ واضعُ الكلامِ أنْ يحصُلَ له من الصورةِ والصَّنعةِ: أفي الألفاظِ يَحصُلُ له ذلك، أم في معاني الأَلفاظِ؟ وليس في الإمكان أنت يَشُكَّ عاقلٌ إِذا نَظَر، أنْ ليس ذلك في الألفاظِ، وإنَّما الذي يُتصوَّرُ أنْ يكونَ مقصوداً في الألفاظِ هو "الوزنُ"، وليس هو مِنْ كلامِنا في شيءٍ، لأنَّا نحنُ فيما لا يكونُ الكلامُ كلاماً إلاَّ به، وليس لِلْوزنِ مدخلٌ في ذلك.