للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدُهما: أنْ يكون القارئ له أرادَ التنوينَ ثم حذفَه لالْتقاءِ الساكنَيْن، ولم يحرِّكْهُ، كقراءةِ مَنْ قرأ١: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدُ اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: ١، ٢] بتركِ التَنوين مِنْ "أحَد:، وكما حُكيَ عن عمارةَ بنِ عَقيل أنه قرأ٢: {وَلا اللَّيْل سَابِق النَّهَار} [يس: ٤٠]، بالنْصب، فقيلَ له: ما تُريد؟ فقال: أريدُ سابقٌ النهارَ. قيل: فهلاَّ قلْتَه؟ فقال: فلو قلْتُه لكان أوزَنَ وكما جاءَ في الشعر من قوله:

فأَلْفَيْتُهُ غيرَ مستعتِبٍ ... ولاَ ذاكِرَ اللهَ إلاَّ قليلا٣

إلى نظائرِ ذلك، فيكونُ المعنى في هذه القراءةِ مثْلَه في القراءة الأُخرى، سَواء.

والوجهُ الثاني: أنْ يكونَ الابنُ صفةً، ويكونَ التنوينُ قد سقَط على حدِّ سقوطِهِ في قولنا: "جاءَني زيدُ بنُ عمروٍ"، ويكونَ في الكلام محذوفٌ. ثم اختَلَفوا في المحذوف، فمنهم من جعله مبتدأً فقدَّرَ: "وقالتِ اليهودُ هو عزير بن الله" ومنهم من جَعَلَه خبراً فقدَّر؟ "وقالتِ اليهودُ عزيرُ ابنُ اللهِ معبودُنا".

وفي هذا أمرٌ عظيم، وذلك أنك إِذا حكَيْتَ عن قائلٍ كلاماً أنتَ تُريد أن تُكَذِّبه فيه، فإنَّ التكذيبَ ينصرفُ إلى ما كان فيه خبرصا، دون ما كان صفةً.

تفسيرُ هذا: أَنَّك إِذا حكيتَ عن إنسانٍ أنَّه قال: "زيدُ بن عمرو


١ ذكر أبو حيان في البحر المحيط ٨: ٥٢٨، من قرأ بهذه القراءة.
٢ انظر شواذ القراءات لابن خالويه: ١٢٥.
٣ هو لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه، والأغاني ١١: ١٧، والبيت في سيبويه ١: ٥٨، وتفسير الطبري ٣: ٣٠٦.