للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يَجوزُ أَن يكونَ الإِعجازُ بأن لم يُلْتَقَ في حُروفه ما يَثْقُلُ على اللسانِ.

أي شيء بهر العقول من القرآن، وكلام الوليد بن المغيرة، وابن مسعود، والجاحظ:

٤٦٠ - وجملةُ الأمرِ أَنه لَن يَعرِضَ هذا وشَبهُهُ من الظنونِ لِمَنْ يَعرِضُ لهُ إلاَّ مِن سوءِ المعرفةِ بهذا الشأنِ، أوْ للخذلانِ، أو لِشهوةِ الإِغرابِ في القولِ. ومَنْ هذا الذي يَرْضى مِنْ نَفْسه أنْ يَزعمَ أنَّ البرهانَ الذي بان لهم، والأمر الذي بهرهم، والهيبة التي ملأتْ صدُورَهم١، والروعةَ التي دخلتْ عليهم فأزعَجَتْهم حتَّى قالوا: "إنَّ له لحلاوةً، وإنَّ عليه لطولاة، وأن أسفله لمعذق، وإنَّ أعلاه لَمْثْمِرٌ٢، إنما كان لِشيءٍ راعَهُم من مَواقعِ حركاتِه، ومِن تَرتيبٍ بيْنَها وبَيْنَ سكناته؟ أم لِفَواصلَ في أواخرِ آياته؟ مِنْ أَيْنَ تَليقُ هذه الصفةُ وهذا التشبيهُ بذلك؟

أم ترَى ابنَ مَسْعود حين قال في صفةِ القرآن: "لا يَتْفَه ولا يَتَشَانُّ"٣، وقال: "إِذا وقعتُ في آلِ حم، وقعتُ في روضاتٍ دَمِثاتٍ


١ في المطبوعة وحدها: "والهيئة"، خطأ.
٢ هذه رواية مشهورة، والذي في كتب السير "سيرة ابن هشام" وأن الوليد بن املغيرة قال: "إن لقوله حلاوة، وإن أصله لعذق، وإن فرعه لجناة"، هذه رواية ابن إسحاق، وروى ابن هشام "إن أصله لغذق". و "الغذق"، النخلة التي ثبت أصلها، وطاب فرعها إذا جنى، و "الغذق"، الروي المخصب، وكذلك تفسير "المغذقط الذي ثبتت أصوله، و "المغذق"، المخصب. وكان في المطبوعة "لمغذق" بالغين المعجمة والدال المهملة، والذي في "ج" و "س": "لمغذق" بالغين المهملة والذال المعجمة.
٣ الخبر بهذا اللفظ في غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام ٣: ١٥٣/ ٤: ٥٥، بغير إسناد، وهو في مسند أحمد بن حنبل رقم: ٣٨٤٥ من حديث طويل: "إن هذا القرآ لا يختلف، ولا يستشن، ولا ينفه لكثرة الرد" و "ينشان" لا يخلق، وهو مأخوذ من "الشن" وهو الجلد الخلق البالي، و "يستشن"، يصير شنًا باليًا. و "يتفه"، من الشيء "التافه"، أي لا يبتذل حتى يلحق بالخسيس.