للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا القولِ، وما دعاني إلى إعادةِ ذِكْره إلا أنه ليس لتهالك الناسِ في حديث "اللفظ" والمحاماةُ على الاعتقاد الذي اعتقدوه فيه وضن أنسهم به١ حدٍّ، فأحْبَبْتُ لذلك أن لا أَدعَ شيئاً مما يجوزُ أن يَتعلَّق به متعلِّقٌ، ويلجأَ إليه لاجئ، ويقعَ منه في نفْس سامعٍ شَكًّ، إلا استقصيت في الكشف عن بطلانه.

٥٥٩ - وههنا أمرٌ عجيبٌ، وهو أنَه معلومٌ لكلٍّ مَنْ نَظَر، أنَّ الألفاظَ من حَيْثُ هي ألفاظٌ وكَلِمٌ ونُطْقُ لسانِ، لا تخْتصُّ بواحدٍ دونَ آخر، وأنها إنما تختص إذا توخي يها النظْمُ٢. وإِذا كان كذلك، كان مَنْ رفَعَ "النظْمَ" مِن البين٣، وجعَلَ الإعجازَ بجُملته في سهولةِ الحُروف وجَرَيانها٤، جاعلاً له فيما لا يصِحُّ إضافتُه إلى الله تعالى. وكَفَى بهذا دليلاً على عَدمِ التوفيق، وشدَّةِ الضلالِ عن الطريق.


١ سياق العبارة: "ليس لتهالك القوم في حديث اللفظ ..... حد"، وهو إشارة لتهالك المعتزلة وشيخهم القاضي عبد الجبار المعتزلي في "حديث اللفظ"، والمحاماة دونه ... ". وقد أشار عبد القاهر إلى ذلك مرارًا قبل ذلك. وكانت هذه العبارة في المطبوعة، وفي "س" و "ج" هكذا: "وما دعاني إلى إعادةِ ذِكْره، إلاَّ أنه ليس "تهالك" الناس فيحديث اللفظ، والمحاماة على الاعتقاد الذي اعتقده فيه، "وظن" أنفسهم به "إلى حد"، وفي "جد"، وحدها "إلى أحد". وهذا الذي وضعته بين الأقواس هو الذي غيرته، لأن هذا نص فاسد جدًا لا معنى له، ولا يستقيم. والذي غيرته هو الصواب إن شاء الله، وهو الذي دل عليه كل كلام عبد القاهر في شأن اللفظ فيما مضى. وقوله "الناس"، هنا يعني المعتزلة، كما سيكون جليًا في رقم: ٥٦٢.
٢ في "س": "وأنها لا تختص إذا توخى فيه النظم"، وهو فساد محض. وفي نسخة عند رشيد رضا: "أنها لا تختص إلا إذا توخى فيها النظم"، وهو الصواب أيضًا.
٣ "من البين" يعني من بين ما يجعلها تختص بقائل. وقد سلفت قبل هذه العبارة مرارًا، وسأذكر مواضعها في الفهارس.
٤ السياق: "كان من رفع النظم ... جاعلًا له ... ".