للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل:

٦٥٥ - إن كان أبو الفتح بن جني قال: ما قال في قول المتنبي:

وفيها قيت يوم للقراد١

حتى تكون فضيلة يكون بيت المتنبي بها أشعر من بيت الحطيئة٢، فمحال أن يكون البيت بزيادة تقع في مجرد الإغراق من دون صنعة تكون في تلك الزيادة٣ أشعر من البيت ذي الصنعة، ولا سيما مثل صنعة الخطيئة، التي لا يبلغ المتأمل لها غاية في الاستحسان، إلا رأى أن يزيد. ومن سلك في الموازنة.


١ هو في ديوانه، وصدر البتي، في صفة ناقته:
فلم تلق ابن إبراهيم عنسى
ورواية الديوان: "قوت يوم"، وهما سواء، و "القوت" و "القيت" ما يمسك الرمق.
٢ كأنه يعني بيت الخطيئة، والله أعلم، قوله:
قروا جارك العيمان، لما تركته ... وقلص عن برد الشراب مشافره
سنامًا ومحضًا أنبت اللحم واكتست ... عظام امرئ ما كان يشبع طائره
"قروا"، أضافوه وأطعموه. و "العيمان". الشديد الشهوة إلى شرب اللبن. و "قلص عن برد الشراب مشافره"، أي لم يزل في زمن الشتاء والجدب يشرب الماء البارد حتى قلصت شفتاه. و "المحض" اللبن الذي لم يخالده ماء. والشاهد فيه قوله: "ما كان يشبع طائره، يعني أنه قد بلغ من هزاله ما لو وقع عليه طائر، لما شبع، لأنه لا يجد مما يأكله منه إلا القليل التافه. وهذا موضع المقارنة بينه وبين قول المتنبي في هزال ناقته، حيث يقول: إنه لم يبلغ أرض ممدوحة، وفي ناقته ما يقوت القراد على ضآلته يومًا واحدًا.
٣ السياق: "فمحال أن يكون البيت من غير صنعة أشعر من البيت ذي الصنعة".