للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل:

٥٦٥ - إذا قلت: "هذا ينحت من صخر، وذاك يعرف من بحر"، لم تكن شبهت قيل الشعر بالنحت والغرف، لكن تكون قد شبهت هذا في صعوبة قول الشعر عليه، وفي آحتياجه إلى أن يكد نفسه بمن ينحت من الصخر وشبهت الآخر في سهولة قوله عليه، وفي أنه يناله عفوًا، بمن يعرف من بحر.

يبين ذلك: أن ليس الشبه بوصف يرجع إلى "النحت" و "الغرف" على ذاك. وإذا كان كذلك، كان المعنى على تشبيه الذي يحتاج إلى أن يكد النفس بالذي ينحت الصخر، والذي يسهل عليه ويأتيه عفوًا بالذي يعرف من بحر، لا على تشبيه قول الشعر في نفسه من حيث هو قول شعر وتأليف كلام وإقامة وزن وقافية، بالنحت والغرف، هذا محال.

ثم إن المزية التي تجدها لترك التصريح بالتشبيه، وأنك لم تقل: "هو كمن ينحت من صخر"، ليست لأنك لما قلت: "هو ينحت من صخر" جعلته أشبه بالناحت من الصخر، ولكن بأنك جعلت شبه الناحت من الصخر له أثبت، فاعرفه.