للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لطلب المبالغة في ذلك إلى أن يزعموا أنه يبغض المال ويريد هلاكه، وأنه يطلبه بترة، وأنه حنق عليه كما قال:

حنقعلى بدرا للجين١

وكل ذلك على تقدير "كأن". وإلا فلو كان الأمر على الظاهر، لكان ذلك يخرج به إلى أن لا يستحق على بذله الحمد، ولكان يكون ذلك للجهالة بنفاسة النفيس. ومن كان إعطاؤه المال على هذا السبيل، كان مؤوفًا. ولهذا قال الفضل بن يحيى: "أيظن الناس أنا لا نجد بأموالنا ما يجد البخلاء؟ ". ولو كان لا يكون النفيس من المال نفيسًا عند جواد، لكان قولهم: "إنه يشتري الحمد بالغلاء"، محالًا، لأنه لا يكون المشترى الشيء غاليًا حتى يبذل فيه من المال ما يكون له خطر عظيم عنده. هذا ويجوز أن يكون المعنى في قوله: "كرامتها"، نفاستها في أنفسها، وأن لا تقدر فيه التعدية، وأن يقال: "كرامتها علينا أو عليه، أي على ربها" كما يقولون: يهينون كرائم أموالهم لأضيافهم، ولا تهينهم بأن تدعوهم إلى الضن بها، فتورثهم الهون والسقوط في أقدارهم، فاعرفه.

هذا آخر ما وجد على سواد الشيخ من هذا الكتاب.

كتب في شعبان المبارك سنة ثنتين وسبعين وخمسمئة


١ هو قول المتنبي في ديوانه:
حنق على بدر اللجين وما أتت ... بإساءة، وعن المسيء صفوح