للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه سد الباب وحسم الشبه جملة. ومن ضعف الرأي أن تسلك طريقًا يغمض، وقد وجدت السنن اللاجب، وأن تطاول المريض في علاجك، ومعك الدواء الذي يشفي من كثب، وأن ترخى من خناق الخصم، وفي قدرتك ألا يملك نفسًا، ولا يستطيع نطقًا.

٣٢ - ثم إن أردت أن تكلمهم على تسليم ذلك، فالطريق فيه أن يقال لهم على أول كلامهم حيث قالوا: "إنا رأينا الرجل يكون في نوع أشعر، وعلى جودة اللفظ والنظم أقدر منه في غيره"١ ٢ إنه ينبغي أن تعلموا أول شيء أنكم حرفتم كلام الناس في هذا عن موضعه، فإنا إذا تأملنا الحال في تقديمهم الشاعر في فن من الفنون، وجدناهم قد فعلوا ذلك على معنى أنه قد خرج في معاني ذلك الفن ما لم يخرجه غيره، واتسع لما [لم] يتسع له من سواه. فإذا قالوا: "هو أنسب الناس"، فالمعنى أنه قد فطن في معاني الغزل [وما] يدل على شدة الوجد وفرط الحب والهيمان لما لم يفطن له غيره. وكذلك إذا قالوا: "أمدح، أو أهجى"، فالمعنى أنه قد اهتدى في معاني الزين والشين وفي التحسين والتهجين إلى ما لم يهتد إليه نظراؤه، ولو كانوا في اللفظ وانظم يذهبون، لكان محالًا أن يقولوا: "هو أنسب"، لأن ذلك في صفة اللفظ والنظم محال. ومن هذا الذي يشك أن لم يكن قول جرير:

ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح٣


١ في المطبوعة: "وعلى حوك اللفظ والنظم"، لا أدري لم غيروا ما في المخطوطة.
٢ قوله: "إنه ينبغي"، هو بدء الرد على قولهم.
٣ البيت في ديوانه.