للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله عليه السلام١: "قل وروح القدس معك" ٢، لأنه لا يكون معانًا مؤيدًا من عند الله، وهو يعدم مما كان يجده قبل كثيرًا، ويتقاصر أنف حاله عن السالف منها تاقصرًا شديدًا٣.

٣٨ - فإن قالوا: إنه نقصان حدث في فصاحتهم من غير أن يشعروا به.

قيل لهم: فإن كان الأمر كذلك، فلم تقم عليهم حجة، لأنه لا فرق بين أن لا يكونوا قد عدموا شيئا من الفصاحة التي كانوا يعرفونها لأنفسهم قبل التحدي بالقرآن والدعاء إلى معارضته، وبين أن يكونوا قد عدموا ذاك، ثم لم يعلموا أنهم قد عدموه. ذاك لأن الآية بزعمهم إنما كانت في المنع من نظم ولفظ قد كان لهم ممكنًا قبل أن تحدوا، ولا يكون منع حتى يرام الممنوع٤، ولا يتصور أن يروم الإنسان الشيء ولا يعلمه، ويقصد في قوله له وفعل إلى أن يجيء به على وصف وهو لا يعرف ذلك الوصف ولا يتصوره بحال من الأحوال. وإذا جعلناهم لا يعلمون أن كلامهم الذي يتكلمون به اليوم قاصر عن الذي تكلموا به أمس، وأن قد امتنع عليهم في النظم شيء كان يواتيهم، وسلبوا منه معنى قد كان لهم حاصلًا٥ استحال


١ غير ما في المخطوطة وكتب "الذي روى عن شأن حسان".
٢ هو أحد ألفاظ الحديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما من أصحاب دواوين السنة:
"اللهم أيده بروح القدس".
٣ "أنف الشيء"، أوله وابتداؤه.
٤ في المخطوطة: "حتى يراهم الممنوع"، وصححه في المطبوعة.
٥ السياق: "إذا جعلناهم لا يعلمون ... استحال".