للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما هو الصحيحُ من ذلك في موضعٍ آخر، وأنا أقتصر ههنا على ذِكْر ما هو أشهرُ منه وأظهَرُ. والاسم والشهرة فيه لشيئين: "الاستعارة" و "التمثيل". وإِنما يكونُ "التمثيلُ" مَجازاً إذا جاءَ على حَدِّ "الاستعارة".

٦٠ - فالاستعارة: أن تُريدَ تشبيهَ الشيءِ بالشيءِ، فَتَدعَ أنْ تُفْصحَ بالتشبيهِ وتُظْهرَه، وتجيءَ إلى اسمِ المشبَّه بهِ فتعُيِرَه المِشبَّةَ وتُجْرِيَه عليه. تُريدُ أن تَقول: رأيتُ رجلاً هو كالأسدِ في شجاعتهِ وقوةِ بطشِه سَواء فتَدَعُ ذلك وتقولُ: "رأيتُ أسداً".

وضَرْبٌ آخرُ من "الاستعارة وهو ما كان نحو قوله:

إذْ أَصْبَحتْ بيدِ الشَّمال زِمامُها١

هذا الضربُ، وإِن كان الناسُ يَضمُّونه إِلى الأَوَّل حيث يذكرونَ الاستعارةَ، فليسا سَواءً. وذاكَ أنكَ في الأولِ تجعلُ الشيءَ الشيءَ ليس به، وفي الثاني للشّيءِ الشيءَ ليس له.

تفسيرُ هذا: أنك إذا قلتَ: "رأيتُ أسداً"، فقد ادَّعيت في إنسانٍ أنه أسدٌ، وجعْلته إياه، ولا يكون الإِنسان أَسَداً. وإذا قلت: "إذا أصبحَتْ بيدِ الشَّمال زمامُها"، فقد ادَّعيْتَ أن لِلشَّمال يداً، ومَعْلومٌ أنه لا يكونُ للريحِ يد.


١ للبيد بن ربيعة، من معلقته، وصدره:
وغداة ريح قد كشفت وقرة