للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذ منهم الفداء، فلما كان من الغد غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو قاعد وأبو بكر، وهما يبكيان، فقلت: يا رسول الله! ما يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "للذي عَرَضَ عليّ أصحابك: من الفداء، لقد عُرض عليّ عذابكم أدنى من هذه الشجرة" - لشجرة قريبة - فأنزل الله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} ، إلى قوله: {عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: ٦٧] ، فلما كان من العام المقبل قتل منهم سبعون، وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكُسِرَت رباعيته١، وهشمت البيضة٢ على رأسه، وسال الدم على وجهه، وأنزل الله تعالى: {أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أََصَبْتُم مِّثْلَيهَا قُلْتُم أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفِسِكُم} ، بأخذكم الفداء {إِنَّ الله عَلَى كُلِّ شِيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: ١٦٥] ٣.


١ الربّاعية: السِّنّ التي بين الثَّنَّية والناب. (القاموس ص ٩٢٩) .
٢ البَيْضة: الخُوذة؛ سميت بذلك لأنّها على شكل بيضة النعام. (لسان العرب ٧/١٢٥) .
٣ أخرجه أحمد: المسند ١/٢٥٠، رقم: ٢٢١، وصحّحه أحمد شاكر، وأخرجه بنحوه مسلم: الصحيح، كتاب الجهاد والسير ٣/١٣٨٥، رقم: ١٧٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>