للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الباب السابع والأربعون: حذره من المظالم وخروجه منها]

...

الباب السابع والأربعون: في حذره من المظالم وخروجه منها

ذكر ابن الجوزي عن الأحنف بن قيس قال: "وفدنا إلى عمر بفتحٍ عظيم، فقال: "أين نزلتم؟ فقلت: في مكان كذا، فقام معنا حتى انتهينا إلى مناخ رواحلنا، فجعل يتخللها ببصره ويقول: "ألا اتقيتم الله في ركابكم هذه؟، أما علمتم أن لها عليكم حقاً؟، ألا خليتم عنها فأكلت من نبت الأرض؟ ".

فقلنا: يا أمير المؤمنين، إنا قدمنا بفتح عظيم، فأحببنا التسرع إلى أمير المؤمنين، وإلى المسلمين بما يسرهم، ثم انصرف راجعاً ونحن معه، فلقيه رجل، فقال: "يا أمير المؤمنين، انطلق معي فأعدني على فلان فإنه ظلمني". قال: فرفع الدرة فخفق١ بها رأسه، وقال: "تدعون عمر / [٧١ / أ] وهو مُعرِضٌ لكم حتى إذا اشتغل بأمرٍ من أمور المسلمين أتيتموه: أعدني، أعدني".

فانصرف الرجل وهو يتذمّر٢، فقال عمر: "عليّ بالرجل"، فألقى إليه المخِفقة٣، فقال: "أمسك قال: "لا ولكن أدعها لله ولك قال: "ليس كذلك، إما تدعها لله وإرادة ما عنده، أو تدعها لي فأعلم ذلك". قال: "أدعها لله قال: "انصرف". ثم جاء يمشي حتى دخل منزلة، ونحن معه، فافتتح الصلاة، فصلى ركعتين، ثم جلس، فقال: "يا ابن الخطاب، كنت وضيعاً فرفعك الله، وكنت ضالاً فهداك الله، وكنت ذليلاً فأعزّك الله، ثم حملك على رقاب المسلمين، لجاء رجل يستعديك فضربته، ما تقول لربك غداً إذا أتيته؟ "، فجعل يعاتب نفسه


١ الخفق: ضربك الشيء بدرة أو بعريض. (القاموس ص ١١٢٦) .
٢ يتذمّر: أي: يجترئ عليه ويرفع صوته في عتابه. (النهاية ٢/١٦٧) .
٣ المخفقة: الدرة. (النهاية ٢/٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>