للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتأمّر على قوم فيهم أبو بكر إلا أن تغير نفسي عند الموت، فقال قائل من الأنصار: "أنا جُذَيْلها المُحَكَّك١، وعُذَيقها المُرَجَّب٢، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش".

قال: "فكثر اللغط٣ وارتفعت الأصوات حتى خشيت الاختلاف فقلت: أبسط يدك يا أبا بكر فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار - رضي الله عنهم"٤.

وفي الصحيحين ومسند الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن عوف٥ أن رجلاً أتى عمر بن الخطاب فقال: "إن فلاناً يقول: لو قد مات عمر بايعت فلاناً"، فقال عمر: "إني قائم العشية في الناس فمُحذَّرهم٦ هؤلاء الرهط الذي يريدون أن يغصبوهم أمرهم، فقال عبد الرحمن فقلت: "يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع٧ الناس وغوغاهم٨، وإنهم الذين يغلبون على مجلسك إذا قمت في الناس، فأخشى أن تقول مقالة يطير بها أولئك فلا يعُوها ولا يضعوها على موضعها، ولكن تقدم المدينةَ، فإنها دار الهجرة والسنة وتخلّص بعلماء الناس وأشرافهم، فتقول ما قلت متمكناً،


١ الجذيل: الأصل من الشجرة تحتكّ به الإبل، فتشفى به، فأراد أنه يستشفى برأيه. (لسان العرب ١١/١٠٧، فتح الباري ٧/٣١، معجم الأمثال ١/٥٢) .
٢ العُذيق: تصغير عَذْق، والمُرَجَّب، الترجيب: إرفاد النخلة من جانب، ليمنعها من السقوط. أي: أن لي عشيرة تعضدني، تمنعني، وترفدني. (لسان العرب ١/٤١٢) .
٣ اللغط: الأصوات المبهمة المختلفة والجلبة لا تُفهم. (لسان العرب ٧/٣٩١) .
٤ يأتي تخريجه في الذي بعده.
٥ في المسند وصحيح البخاري: الحديث عن ابن عباس.
٦ في الأصل: (لمحذرهم) ، وهو تحريف.
٧ رعاع: سُقاطهم وسفلتهم. (لسان العرب ٨/١٢٨) .
٨ أصل الغوغاء: الجراد حين يخفّ للطيران، ثم استعير للسفلة من الناس والمتسرعّين إلى الشرّ. (لسان العرب ٨/٤٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>