للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضهم: "أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا". وقال بعضهم: "لا ندري"، ولم يقل شيئاً، فقال: "يا ابن عباس أكذاك تقول؟ "، قلت: لا. قال: "فما تقول؟ "، قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله له: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ} ، [النصر: ١] ، فتح مكة، فذاك علامة أجلك، {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرُهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَاباً} [النصر: ٣] . قال عمر: "ما أعلم منها إلا ما تعلم"١.

وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "خرجنا مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى حرة واقم٢ حتى إذا كنا بصرار٣، إذا نار قال: "يا أسلم إني أرى ها هنا ركباً قصر بهم٤، الليل والبرد، انطلق بنا". فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم، فإذا بامرأة معها صبيان صغار، وقدر منصوبة على نار، وصبيانها يتضاغون٥، فقال عمر: "السلام عليكم يا أصحاب الضوء"، - وكره أن يقول: يا أصحاب النار - فقالت: "وعليكم السلام فقال: "أدنو؟ فقالت: "ادن بخير أو ادع"، فدنا منها، فقال: "ما بالكم؟ قالت: "قصر بنا الليل والبرد قال: "وما بال هؤلاء الصبية يتضاغون؟ قالت: "الجوع قال: "وأي شيء في هذه القدر؟ قالت: "ماء أُسَكِّتهم به حتى يناموا، والله بيننا وبين عمر قال: "أي رحمك الله، وما يدري عمر بكم! قالت: "يتولى أمرنا ثم يغفل عنا"، قال: فأقبل علي،


١ البخاري: الصحيح، كتاب المغازي ٤/١٥٦٣، رقم: ٤٠٤٣.
٢ واقم: أطم من آطام المدينة، وحرة واقع مضافة إليه، وتعرف اليوم حرته بحرة المدينة الشرقية. (معجم البلدان ٥/٣٥٤، ومعجم معالم الحجاز ٩/١١٢) .
٣ صرار: موضع على ثلاثة أميال من المدنية على طريق العراق. (معجم البلدان٣/٣٩٨، معجم معالم الحجاز ٥/١٣٨) .
٤ قصر به: أي: حسه. (لسان العرب ٥/٩٩) .
٥ التضاغي: الصياح والبكاء. (لسان العرب ١٤/٤٨٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>