للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأعجبته هيئته ونحوه، فقال: "يا أمير المؤمنين! إن أحق الناس بطعام لين، ومركب لين، وملبس لين، لا أنت - وكان أكل طعاماً غليطاً - فرجع عمر جردية كانت معه فضرب بهارأسه، ثم قال: "أمَ والله ما أراك أردت١ بها الله، ما أردت بها إلا في مقاربتي، إن كنت لا أحسب أن فيك خيراً، ويحك هل تدري ما مثلي ومثل هؤلاء؟ ". قال: وما مثلك ومثلهم، قال: "مثل قوم سافروا فدفعوا نفقاتهم إلى رجل منه، فقالوا: أنفق علينا، فهل يحل له أن يستأثر منها بشيء؟ "، لا يا أمير الممؤمنين، قال: "فذلك مثلي ومثلهم".

ثم قال عمر رضي الله عنه: "إني لم أستعملهم عليكم أن يضربوا أبشاركم، ويشتموا أعراضكم، ويأكلوا أموالكم، ولكن استعملتهم ليعلموكم كتاب٢ ربكم، وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم فمن ظلمه عامله بمظلمة فليعرفها إليّ حتى أقصه منه". فقال عمرو بن العاص: "يا أمير المؤمنين! أرأيت إن أدب أمير رجلاً أتقصه منه؟ فقال عمر: "ومالي لا أقص٣ وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه؟ ". وكتب عمر رضي الله عنه إلى أمراء الأجناد: "لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ولا تحرمونهم فتكفروهم، ولا تجمروهم٤، فتفتنوهم، ولا تنزلوهم الغياض٥ فتضيعوهم"٦.


١ قوله: " ما أردت بها) ، تكررت في الأصل.
٢ في الأصل: (كاب) ، وهو تحريف.
٣ في الأصل: (لاقص) ، وهو تحريف.
٤ تجمير الجيش: جمعهم في الثغور وحبسهم عن العود إلى أهليهم. (النهاية ١/٢٩٢) .
٥ الغياض: جمع غيضة، وهي: الشجر الملتف. (لسان العرب ٧/٢٠٢) .
٦ ابن سعد: الطبقات ٣/٢٨٠، ٢٨١، وإسناده صحيح، وابن عساكر: تاريخ دمشق ١٣/ق ٥٤، ٥٥/أ، والمتقي الهندي: كنز العمال ١٣/٦٣٤، إلى قوله: "فذلك مثلي ومثلهم"، ونسبه لابن سعد وابن راهوية، وابن عساكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>