للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما أصبح سأل عنه فإذا هو من بني سُليم، فأرسل إليه فإذا هو أحسن النّاس شعراً وأصبحهم وجهاً، فأمر عمر أن يُطمّ١ شعره ففعل، فخرجت جبهته فازداد حسناً، فأمره عمر أن يعتَمّ ففعل، فازداد حسناً، فقال عمر: "لا والذي نفسي بيده لا يجامعني بأرض أنا بها، فأمر له بما يصلحه وسيّره إلى البصرة"٢.

وروي أن عمر رضي الله عنه بينما هو ذات ليلة يطوف في سكة من سكاك٣ المدينة، سمع امرأة وهي تهتف من خِدرها٤ وتقول:

هل من سبيل إلى خمر فأشربها ... أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج

إلى فتىً ماجد الأعراق مُقتبلٍ ... سهلِ المُحيّا كريم غير مِلجاج٥

فقال عمر: "لا أرى معي في المصر رجلاً تهتف به العواتق٦ في خدورهن، عليّ بنصر بن حجاج فأتي به، فإذا هو أحسن الناس وجهاً وأحسنهم شعراً، فقال: عليّ بالحجام فجزّ شعره فخرجت / [٤٩ / أ]


١ في الأصل: (يضم) ، وهو تحريف. وطمّ شعره: أي: جزّه، وطم شعره أيضاً طوماً إذا عقصه. (الصحاح ٥/١٩٧٦، لسان العرب ١٢/٣٧٠) .
٢ ابن سعد: الطبقات ٣/٢٨٥، البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص ٢١١، ٢١٢، ابن شبه: تاريخ المدينة ٢/٧٦٢، ابن الجوزي: مناقب ص ٨٥، ابن حجر: الإصابة ٦/٢٦٠، وقال: "أخرجه ابن سعد والخرائطي بسند صحيح عن عبد الله بن بريدة". وهو منقطع لأن عبد الله بن بريد لم يدرك عمر.
٣ السكة: أوسع من الزقاق، سميت بذلك لاصطفاف الدور فيها على التشبيه بالسّكة من النخل. (لسان العرب ١٠/٤٤١) .
٤ الخِدر - بالكسر -: سترٌ يمدّ للجارية في ناحية البيت. (القاموس ص ٤٩٠) .
٥ اللجاج واللجاجة: الخصومة. (القاموس ص ٢٦٠) .
٦ العاتق: الجارية التي قد أدركت وبلغت فخُدّرت في بيت أهلها ولم تتزوج. (لسان العرب ١٠/٢٣٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>