للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما قدم عليه، قال له: "أنتم جيراننا، ونحن نحسن إليكم، ونكفّ الأذى عنكم، فارجعوا إلى بلادكم، ونحن لا نمنع تجاركم من دخول بلادنا". فقال له المغيرة: "إنا لسنا نطلب الدنيا، وإنما نطلب الآخرة". في كلام طويل. ثم بعث إليه رسولاً آخر وهو ربعي بن عامر١ فأجاد وحسن الكلام. ثم طلبوا في اليوم الثاني [رجلاً] ٢ فبعث سعد حذيفة بن محصن٣، ثم طلبوا٤ في اليوم الثالث فأرسل المغيرة أيضاً٥.

ثم كانت وقعة القادسية، فلما تواجه الصفان كان سعد قد أصابه عرق النّسا٦، ودَمَامِيل٧ في جسده فهو لا يستطيع الركوب، وإنما هو في قصر متكئ على صدره فوق وسادة، وهو ينظر إلى الجيش ويدبر أمره، فتقاتلوا حتى كان الليل، وقد قتل من الفريقين بشر كثير، ثم اليوم الثاني حتى أمسوا، ثم اليوم الثالث وسموا هذه / [٥٦ / أ] الليلة: ليلة الهرير٨، ولما كان اليوم الرابع اقتتلوا قتالاً شديداً، وقد قاسوا من الفيلة بسبب نفرة الخيول أمراً عظيماً، قد أباد الصحابة الفيلة ومن عليها وقلعوا عيونها بالرماح، فلما كان


١ ابن خالد بن عمرو التيمي، أمدَّ عُمَر به المثنى بن حارثة، وكان من أشرف العرب، وشهد نهاوند، وولاّه الأحنف على طخارستان. (الإصابة ٢/١٩٤) .
٢ سقط من الأصل.
٣ الغلفاني، استعمله أبو بكر على عمان، وعمر على اليمامة، وله ذكر في الفتوح. (الإصابة ١/٣٣٢) .
٤ مطموس في الأصل سوى: (طلـ) .
٥ ابن كثير: التاريخ ٤/٣٨، بأطول، والخبر مفرقاً في الطبري: التاريخ ٣/٤٩٦، حتى ٥٢٠.
٦ النسا: عرق من الورك إلى الكعب. (القاموس ص ١٧٢٥) .
٧ الدّمَّل: واحد دماميل: القروح. (الصحاح ٤/١٦٩٩) .
٨ هرّ الشّيء يُهرّه هرّاً وهريراً: كرهه. (لسان العرب ٥/٢٦٠) . .

<<  <  ج: ص:  >  >>