للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسنتكم، فمن عمل به سوى ذلك فليرفعه إليّ، فوالذي نفسي بيده لأُقِصّنه منه".

فوثب عمرو بن العاص فقال: "يا أمير المؤمنين، أفرأيت إن كان رجل من المسلمين على رعيه، فأدب بعض رعيته، إنك لتقصنه منه؟!، قال: "إي، والذي نفس عمر بيده، إذاً لأقصّنه منه، أنّى١ لا أقصّ منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصّ من نفسه، ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم"٢٣.

وعن جرير بن عبد الله البجلي أن رجلاً كان مع أبي موسىالأشعري، وكان ذا صوت٤، ونكاية في العدو، فغنموا مغنماً فأعطاه أبو موسى بعض سهمه، فأبى أن يقبله إلا جميعاً، فجلده أبو موسى عشرين سوطاً، وحلقه، فجمع الرجل شعره ثم ترحل إلى عمر بن الخطاب حتى قدم عليه، فدخل على عمر بن الخطاب قال جرير: "وأنا أقرب الناس من عمر"، فأدخل يده فاستخرج شعره ثم ضرب به صدر عمر، ثم قال: "أما والله لولا النار"، فقال عمر: "صدق والله، لولا النار"، فقال: "يا أمير المؤمنين إني كنت ذا صوت ونكاية"، فأخبره بأمره، وقال: "ضربني أبو موسى عشرين سوطاً، وحلق رأسي، وهو يرى أنه لا يقتص منه". فقال / [٦٤ / أ] عمر رضي الله عنه: "لأن يكون الناس كلهم على صرامة هذا، أحب


١ في الطبقات: (وما لي) .
٢ مطموس في الأصل سوى: (فتضيعـ) .
٣ أحمد: المسند ١/٢٧٩، قال أحمد شاكر في تخريجه لأحاديث المسند رقم: ٢٨٦: "إسناده حسن". البلاذري: أنساب الأشراف (الشيخان: أبو بكر وعمر) ص ١٦٨، ١٦٩، الطبري: التاريخ ٤/٢٠٤، ابن الجوزي: مناقب ص ٩٥، وقد سبق تخريج نحو منه ص ٣٨٣.
٤ في الأصل: (صوتا) ، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>