للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أبا موسى هل يسرك أن إسلامنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهجرتنا معه وجهادنا معه، وعملنا كله معه بَرَدَ لنا١ وأن كل عمل عملناه بعده نجونا منه كفافا رأساً برأسٍ فقال أبي: "لا والله قد جاهدنا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلينا، وصمنا وعملنا خيراً كثيراً، وأسلم على أيدينا بشر كثير، وإنا لنرجوا ذلك "فقال أبي" لكني أنا والذي نفس عمر بيده لوددت أن ذلك برد لنا، وأن كل شيء عملناه بعده نجونا منه كفافاً رأساً برأسٍ" فقلت: "إن أباك والله خير من أبي"٢.

وذكر ابن الجوزي عن أبي بردة عن ابن عمر قال: "لقي أبي أباك فقال: "أيسرك أنك خرجت من عملك خيره وشره، وشره بخيره لا لك ولا عليك"؟ قال قلت: "والله يا أمير المؤمنين لقد قدمت البصرة وإن الجفا فيهم لفاش، فعلمتهم القرآن والسنة، وغزوت بهم في سبيل الله، وإني لأرجوا بذلك فضيلة" قال: "ولكن وددت أني قد خرجت من عملي خيره وشره، وشره بخيره، كفافاً لي ولا عليّ، وخلص لي عملي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إن أباك خير من أبي"٣.

وعن مسروق٤، قال: "دخل عبد الرحمن٥ على أم سلمة - رضي الله عنها - فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن من أصحابي من لا يراني بعد أن أموت أبداً" قال فخرج عبد الرحمن من عندها مذعوراً حتى دخل على عمر


١ بَرَدَ: ثبت. (لسان العرب ٣/٨٦) .
٢ البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة ٣/١٤٢٥، رقم: ٣٧٠٢.
٣ ابن الجوزي: مناقب ص ١٦٠، والحاكم في التاريخ كما ذكر ابن حجر في فتح الباري٧/٢٥٤، ٢٥٥، والمتقي الهندي: كنْز العمال١٢/٦٢٠، وعزاه لابن عساكر.
٤ ابن الأجدع الهمداني.
٥ ابن عوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>