للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك: زيادة الأشياء بدعائه، كزيادة تمر جابر عند دعاء النبي صلى الله عليه وسلم١، وبركة الطعام عند أكله٢، ونحو ذلك٣.

والأولياء يكرهون إظهار ذلك عنهم واشتهاره، فإن قيل: النبي صلى الله عليه وسلم كان يظهر ذلك ويفعله المرة بعد المرة في مشاهد الناس.

قيل: النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف الناس، فإن النبي صلى الله عليه وسلم المقصود منه الإظهار ليتبعه الناس، ويصدقوه ويعلمون صدق قوله، وهي آيات له تدل على نبوّته وصدق قوله، وهو مأمور بإظهار آياته كما هو مأمور بإظهار دينه، فإنها من جملة دليله، وهو مأمور بإقامة الدليل.

وأما غيره، فإنه ينبغي له الإخفاء والتستّر حتى لا يعلم الناس به، فإنه ربما حصل له نوع مدح وشهرة ورياء، والله يكره ذلك للآدمي، ولهذا لم يرد عن الصحابة كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ وغيرهم، فعل ذلك بمشهد الناس، وإن وقع منهم خفية٤.

فإن قيل: فعمر قد قال على المنبر: "يا ساري الجبل".


١ البخاري: الصحيح، كتاب البيوع ٢/٧٤٨، رقم: ٢٠٢٠، ٢٢٦٦.
٢ البخاري: الصحيح، كتاب المغازي ٤/١٥٠٥، رقم: ٣٨٧٦، ومسلم: الصّحيح، كتاب الأشربة ٤/١٦١٠، رقم: ٢٠٣٩، ٢٠٤٠.
٣ الصّحيح أن ما كان في حقّ الرسول صلى الله عليه وسلم يسمى آية، أو معجزة، قال شيخ الإسلام: "وإن كان اسم المعجزة يعم كلّ خارق للعادة في اللغة، وعرف الأئمة المتقدمين كالإمام أحمد بن حبل وغيره، يسمّونها: الآيات. لكن كثيراً من المتأخرين يفرق في اللفظ بينهما، فيجعل المعجزة للنبي، والكرامة للولي، وجماعها الأمر الخارق للعادة". (مجموع فتاوى ابن تيمية ١١/٣١١) .
٤ الكرامة تقع من أولياء الله بمحضر من الناس كما وقع من أبي بكر وعمر وخبيب والبراء بن مالك وغيرهم، وتقع لإعزاز الدين أو لحاجة المسلمين، وقد تقع سراً. قال شيخ الإسلام: "وخيار أولياء الله كراماتهم الحجة في الدين أو الحاجة بالمسلمين كما كانت معجزات نبيّهم صلى الله عليه وسلم كذلك". وقد ذكر شيخ الإسلام أكثر من ثلاث وعشرين كرامة وقعت لبعض الصحابة والتابعين. (مجموع الفتاوى ١١/٢٧٤، ٢٧٧) ، وانظر عن الكرامات: ابن سيد الناس: المقامات العلية في الكرامات الجلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>