للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الوجه الثالث) : أن يقال: الذي جاءت به السنة وتواتر في الأحاديث هو التوسل والتوجه إلى الله والإقسام عليه بأسمائه وصفاته، وبالأعمال الصالحة كالأدعية المعروفة في السنن: "اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام"١ الحديث. وفي الحديث الآخر: "اللهم إني أسألك بأنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد"٢.

وفي الحديث الآخر: "أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك"٣ الحديث. وقد أخبر الله تعالى عن عباده الصالحين أنهم توسلوا إليه بالأعمال الصالحة فقال تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا} الآيات [آل عمران من الآية: ١٩٣] .

وكما ثبت في الصحيحين في قصة الثلاثة الذين آووا إلى الغار، فدعوا الله وتوسلوا إليه بالأعمال الصالحة، وكالتوسل بدعاء الأنبياء والصالحين وشفاعتهم في حياتهم؛ فهذا مما لا نزاع فيه،، بل هو من الوسيلة التي أمر الله بها في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} (المائدة: من الآية٣٥] .

وقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} الآية [الإسراء من الآية: ٥٧] .

فإن ابتغاء الوسيلة إليه هو طلب ما يتوسل به أي يتوصل ويتقرب به إليه سبحانه، سواء كان على وجه العبادة والطاعة وامتثال الأمر، أو كان على وجه السؤال له والاستعانة به رغبة إليه في طلب المنافع ودفع المضار؛ ولفظ الدعاء في القرآن يتناول هذا وهذا بمعنى العبادة والدعاء بمعنى المسألة؛ وإن كان


١ الترمذي: الدعوات (٣٥٤٤) , والنسائي: السهو (١٣٠٠) , وأبو داود: الصلاة (١٤٩٥) , وابن ماجه: الدعاء (٣٨٥٨) , وأحمد (٣/١٢٠ ,٣/١٥٨ ,٣/٢٤٥ ,٣/٢٦٥) .
٢ الترمذي: الدعوات (٣٤٧٥) , وابن ماجه: الدعاء (٣٨٥٧) .
٣ أحمد (١/٤٥٢) .

<<  <   >  >>