للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأنه وحده يفعل جميع الأشياء.

ولهذا لا يدعى بأحد الاسمين: كالضار والنافع، والخافض والرافع، بل يذكران جميعا. ولهذا كان كل نعمة منه فضلا، وكل نقمة منه عدلا"١.

وقال ابن القيم: "إن أسماءه كلها حُسنى ليس فيها اسم غير ذلك أصلا؛ ومن أسمائه ما يطلق عليه باعتبار الفعل نحو الخالق الرازق المحيي المميت.

وهذا يدل على أن أفعاله كلها خيرات محض لا شر فيها؛ لأنه لو فعل الشر لاشتُق له منه اسم ولم تكن أسماؤه كلها حُسنى، وهذا باطل، فالشرُّ ليس إليه، فكما لا يدخل في صفاته ولا يلحق ذاته لا يدخل، في أفعاله، فالشر ليس إليه، لا يضاف إليه فعلا ولا وصفا وإنما يدخل في مفعولاته.

وفرق بين الفعل والمفعول: فالشر قائم بمفعوله المباين له، لا بفعله الذي هوفعله.

فتأمل هذا فإنه خَفيَ على كثير من المتكلمين وزلَّت فيه أقدام وضلت فيه أفهام، وهدى الله أهل الحق لما اختلفوا فيه بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم"٢.

وقال ابن القيم: "إن النعيم والثواب من مقتضى رحمته ومغفرته وبرِّه وكرمه، ولذلك يضيف ذلك إلى نفسه، وأما العذاب والعقوبة فإنما هو من مخلوقاته، ولذلك لا يسمَّى بالمعاقِب والمعذِّب، بل يُفرَّقُ بينهما، فيجعل ذلك من أوصافه، وهذا من مفعولاته حتى في الآية الواحدة كقوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ} ٣،


١ منهاج السنة ٥/ ٤٠٩- ٤١٠.
٢ بدائع الفوائد ١/ ١٦٣- ١٦٤
٣ الآية ٤٩- ٥٠ من سورة الحجر.

<<  <   >  >>