ثانيا: الردُّ على من أنكر تضمُّن الأسماء الحسنى للصفات:
من خلال ما تقدم إيراده من نقول وأدلة يعلم ضلال من نفى معاني أسمائه الحسنى وهم "المعتزلة" الذين ادعوا أنها كالأعلام المحضة التي لم توضع لمسمَّاها باعتبار معنى قائم به. وقالوا: إن الله سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، وعزيز بلا عزة وهكذا وعلّلوا ذلك: بأن ثبوت الصفات يستلزم تعدُّد القدماء.
وهذه العلة عليلة بل ميتة لدلالة السمع والعقل على بطلانها، أما السمع: فلأن الله تعالى وصف نفسه بأوصاف كثيرة مع أنه الواحد الأحد، فقال تعالى:{إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} الآيات ١٢-١٦ من سورة البروج.
وقال تعالى:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} الآيات ١-٥ من سورة الأعلى.
وأما العقل، فلأن الصفات ليست ذوات بائنة من الموصوف حتى يلزم من ثبوتها التعدد، وإنما هي صفات من اتصف بها فهي قائمة به، وكل موجود فلابد له من تعدد صفاته١.
فبهذه القاعدة يعلم ضلال من سلبوا أسماء الله تعالى معانيها فنفي معاني أسمائه الحسنى من أعظم الإلحاد فيها، قال تعالى:{وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} وقد سبق إيراد الأدلة من القرآن والسنة على تضمن الأسماء الحسنى للصفات، فليرجع إليها.
وإنه لمن المكابرة الصريحة والبهت البيِّن أن يجعل معنى اسمه "القدير"