للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أتباع بابك الخرمي١ وقرامطة البحرين أتباع أبي سعيد الجنابي٢ وغيرهم.

وأما مقتصدوهم وعقلاؤهم فرأوا أن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فيه من الخير والصلاح ما لا يمكن القدح فيه، بل اعترف حذاقهم بما قاله ابن سينا وغيره من أنه لم يقرع العالم ناموس أفضل من ناموس محمد صلى الله عليه وسلم، وكان هذا موجب عقلهم وفلسفتهم.٣ فلم يطعنوا في دين محمد صلى الله عليه وسلم كما طعن أولئك المظهرون للزندقة من الفلاسفة، ورأوا أن ما يقوله أولئك المتكلمون فيه ما يخالف صريح المعقول، فطعنوا بذلك عليهم.٤

وكان لهؤلاء الفلاسفة أقوال فاسدة تلقوها من أسلافهم الفلاسفة، ولما رأوا أن ما تواتر عن الرسل يخالفها، سلكوا طريقهم الباطنية فقالوا: إن الرسل لم


١- بابك الخرمي من زعماء الباطنية من أتباع «الخُرَّمِيَّة» أو «الخرمدينية» وهي لفظة أعجمية وهي عبارة عما يستلذ ويشتهى وترتاح به الأنفس، وقد لقبوا بها لأن حاصل مذهبهم راجع إلى رفع التكليف، وتسليط الناس على اتباع الشهوات من المباحات والمحرمات، وقد ظهر بابك في جبل البدين بناحية أذريبجان، وكثر أتباعه فاستحلوا المحرمات، وأباحوا وقتلوا الكثير من المسلمين، وحاربته جيوش المعتصم مدة طويلة إلى أن أسرته فصلبته وقتلته سنة ٢٢٣هـ بسر من رأى.
انظر كتاب بيان مذهب الباطنية وبطلانه ص٢٤، ٢٥، تاريخ الطبري ٩/١١،٥٥، الملل والنحل ١/٢١٦.
٢- أبو سعيد الحسن بن بهرام الجنَّابي، رأس القرامطة وداعيتهم، كان دقاقا من أهل جنابة (بفارس) ونفى منها، فأقام في البحرين تاجراً، وأقامه حمدان قرمط داعية في فارس الجنوبية، وقد حارب الجنابي الدولة العباسية، واستولى على هجر والأحساء والقطيف وسائر بلاد البحرين، وأحرق المصاحف والمساجد. وفي عام (٣٠١هـ) اغتاله خادم له صقلي في الحمام بهجر.
انظر البداية ١١/١٢١، الأعلام ٢/١٨٥، الفرق بين الفرق ص١٦٩،١٧٤.
٣- منهاج السنة ١/٣١٦،٣١٧.
٤- منهاج السنة ١/٣٢١.

<<  <   >  >>