للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تبين العلم والحقائق التي يقوم عليها البرهان في الأمور العلمية، ثم منهم من قال: إن الرسل علمت ذلك وما بينته، ومنهم من يقول: إنها لم تعلمه وإنما كانوا بارعين في الحكمة العملية دون الحكمة العلمية، ولكن خاطبوا الجمهور بخطاب تخييلي، خيلت لهم في أمر الإيمان بالله واليوم الآخر ما ينفعهم اعتقاده في سياستهم، وإن كان ذلك اعتقاداً باطلاً لا يطابق الحقائق.

وهم يقرون بالعبادات، ولكن يقولون مقصودها إصلاح أخلاق النفس، وقد يقولون إنها تسقط عن الخاصة العارفين بالحقائق فكانت بدعة أولئك المتكلمين مما أعانت إلحاد هؤلاء الملحدين)

(وهؤلاء القرامطة والباطنية والملاحدة هم جنود إبليس حقاً المعارضون لما جاءت به الرسل بعقولهم وآرائهم، ودعوتهم تقوم على الدعوة إلى العقل المجرد، وقالوا نحن أنصار العقل الداعين إليه المخاصمين به المحاكمين إليه.

وقد جرى على الإسلام وأهله منهم ما جرى، وكسروا عسكر الخليفة مراراً عديدة، وقتلوا الحاج قتلاً ذريعاً، وانتهوا إلى مكة فقتلوا بها من وصل من الحاج إليها، وقلعوا الحجر الأسود من مكانه، وقويت شوكتهم، واستفحل أمرهم وعظمت بهم الرزية. واشتدت بهم البلية، وفي زمانهم استولى الكفار على كثير من بلاد الإسلام في الشرق والغرب، وكاد الإسلام أن ينهد ركنه لولا دفاع الذي ضمن حفظه إلى أن يرث الأرض ومن عليها.

ثم خمدت دعوة هؤلاء في المشرق، وظهرت من المغرب قليلاً قليلاً على أيدي العبيديين، حتى استفحلت وتمكنت واستولى أهلها على كثير من بلاد


١- منهاج السنة ١/٣٢١،٣٢٢. «بتصرف»

<<  <   >  >>