يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: فالسلف من الصحابة والتابعين وسائر الأمة قد تكلموا في جميع نصوص القرآن: آيات الصفات وغيرها، وفسروها بما يوافق دلالتها وبيانها، ورووا عن النبي صلى الله عليه وسلّم أحاديث كثيرة توافق القرآن، وأئمة الصحابة في هذا أعظم من غيرهم. (ر: الإكليل في المتشابه والتأويل ضمن مجموع الفتاوى ١٣/٣٠٧) . وقال في موطن آخر: يجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن لأصحابه معاني القرآن كما بيَّن لهم ألفاظها فقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِم} يتناول هذا وهذا....، وقوله تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} وقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْل} وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن، وكذلك قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون} وعقل الكلام متضمن لفهمه، ومن المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد ألفاظه، فالقرآن أولى بذلك. (ر: مقدمة التفسير ضمن مجموع الفتاوى ١٣/٣٣١) - باختصار-. وقال في موضع آخر: "فمن قال عن جبريل ومحمد صلوات الله وسلامه عليهما، وعن الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وأئمة المسلمين والجماعة: أنهم كانوا لا يعرفون شيئاً من معاني هذه الآيات - يعني آيات الصفات -، بل استأثر الله بعلم معناها، كما استأثر بعلم وقت الساعة، وإنما كانوا يقرؤون ألفاظا لا يفهمون لها معنى، كما يقرأ الإنسان كلاما لا يفهم منه شيئاً، فقد كذب على القوم، والنقول المتواترة عنهم تدل على نقيض هذا، وأنهم كانوا يفهمون هذا كما يفهمون غيره من القرآن، وإن كان كنه الرب عز وجل لا يحيط به العباد، ولا يحصون ثناءًا عليه، فذاك لا يمنع أن يعلموا من أسمائه وصفاته ما علمهم سبحانه وتعالى، كما أنهم إذا علموا أنه بكل شيء عليم، وأنه على كل شيء قدير، لم يلزم أن يعرفوا كيفية علمه وقدرته، وإذا عرفوا أنه حق موجود لم يلزم أن يعرفوا كيفية ذاته". (ر: مجموع الفتاوى ١٧،٤٢٥، درء تعارض العقل والنقل ١/٢٠١-٢٠٥ في الرد على دعوى الجويني) .