للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يثيرون الفتن بين العوام ويوقعون الخلاف بين الأنام، بتحريف مقالات أرباب المذاهب وأصحاب المناصب، ويُخيِّلون إليهم أن بين الأئمة وفقهاء الأمة خلافاً في المعتقد والأصول، يطلبون بذلك إثارة الفضول، طلباً للتقدم والرئاسة، وادِّعاءً للفهم والكياسة، وتنافساً على ازدحام الجهال عليهم، وتسوقاً عندهم لاجتذاب ما لديهم، حتى تشوَّشت قلوب العوّام، ووقع بينهم الخلاف بل القتال بما يوردونه من زخرف الكلام، وصارت طوائف الأنام من المتبعين في الفروع مذاهب الأئمة الأعلام الفقهاء السادة الكرام، يلعن في الاعتقاد بعضهم بعضاً ويبدي كل واحد لصاحبه عداوة وبغضاً، ظناً منهم أنهم اختلفوا في الأصول حسب اختلافهم في الفروع، لقلة معرفتهم بأحوالهم، وعدم الوقوف على أقوالهم، لم يقرؤا العلم على انتقاد، ولم يطالعوا تصانيف الجهابذة العارفين بالانتقاد، بل تلقفوا من أفواه بعض المبتدعة كذباً وباطلاً، وطالعوا من تصانيفهم ما يصير الإنسان به عن الصراط السوي عادلاً١، ولم يعلموا أن الخلاف في التوحيد يؤدي إلى الكفر والتلحيد، إنما الخلاف [المحمود] ٢ في فروع الشرع وفصوله، لا في قواعد أحكامه وأصوله، والفقهاء الأئمة الذين] ٩٢/أ [اشتهر عنهم في الفروع الاختيار،


١ عدل عَنْه يَعْدِل عَدْلاً وعدولاً: حاد ومال. (ر: القاموس المحيط ص١٣٣٢) .
٢ في (ص) : المحمودة، والصواب ما أثبته.

<<  <   >  >>