للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يظهر للمتأمل مدى وجاهة قول ابن المنذر – رحمه الله تعالى – حيث قال: " لا حجة مع من أوجب قتل الجماعة بالواحد ". اهـ.

إلا أنه ينبغي تقييده بعدم وجود دليل صريح من جهة النقل؛ لأن ما ذكره أصحاب هذا القول من الأقيسة وجيهة، ومعلوم أن القياس دليل من الأدلة الشرعية عند جمهور العلماء خلافا لمن شذّ، فعليه لا يسلم القول بنفي وجود مستمسك لهم على قولهم هذا من نظر. والله أعلم.

أما أدلة كل من أصحاب القول الثاني والثالث فلا تدل دلالة صريحة على منع قتل الجماعة بالواحد، وإنما غاية ما فيها أنه لا يؤخذ بالنفس أكثر من مثلها. وهذا على التسليم بأن أل الموجودة في لفظ النفس والحر في قوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} ١ و {الْحُرُّ بِالْحُرِّ} ٢ ليس للجنس، وهو ما يرفضه المعارض، إضافة إلى أن القول بأن المراد بالسرف في قوله تعالى: {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} ٣ هو أن لا يقتل جماعة بواحد يحتاج إلى دليل.

وإذا تقرر ما سبق فلم يبق إلا أدلتهم العقلية وهي أيضا لا تسلم من قادح يبطل بها الحجة.

وبناء على ما تقدم يترجح لي القول بأن الجماعة تقتل بالواحد لما يلي:

عموم قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاة} ٤ ذلك أن ما يتحقق بقتل الجماعة بالواحد من حكمة القصاص التي منها الزجر والردع عن القتل


١ آية ٤٥ من سورة المائدة.
٢ آية ١٧٨ من سورة البقرة.
٣ أية ٣٣ من سورة الإسراء.
٤ أية ١٧٩ من سورة البقرة.

<<  <   >  >>