للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكلام والكتابة يستطيع التعبير عن إرادته بأحدهما، والإشارة لا تساويهما في الإبانة، ولذا لا تعتبر مع وجود ما هو أقوى منها.

واستدل القائلون باعتبار الإشارة في الإقالة لمن يستطيع الكلام أو الكتابة بما يلي:

١ أن الإشارة تسمى كلاما في اللغة كما جاء في القرآن الكريم بقوله سبحانه وتعالى: {آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاّ رَمْزاً} ١ والرمز هنا الإشارة٢.

٢ أن المناط هو الإفهام، والإشارة يتحقق بها ذلك فتعتبر صيغة لسائر العقود ٣.

الرأي المختار:

والذي يظهر لي بعد عرض الأدلة أن أدلة القول الثاني قوية، وما عللوا به له اعتباره، ولكنني أميل إلى القول الأول، وهو أن الإشارة لا تعتبر صيغة للإقالة إذا استطاع المتعاقد النطق أو الكتابة، لأن الكلام والكتابة أدل وأبعد عن الاحتمال، فلا يعدل عنهما إلى إشارة لا يفهمها كثير من الناس، ولا تخلو من احتمال، ولأن الإشارة مهما كانت معتادة ففيها احتمال بأن ما يريده صاحبها قد يكون غير ما يفهمه من يراها، ولأنه لا ضرورة للإشارة لأنه يستطيع التعبير بما هو أولى منها. والله أعلم.


١ سورة آل عمران من آية:٤١.
٢ ينظر المحرر الوجيزلابن عطية:٣/٨٠، وتفسير ابي السعود:٢/٣٤، مواهب الجليل للحطاب: ٤/٢٢٩.
٣ ينظر مواهب الجليل للحطاب: ٤/٢٢٩، والمنتقى للباجي: ٤/١٢٧.

<<  <   >  >>