للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يلتقي عليها البشر جميعًا مؤمنين، وكفارًا أصدقاء، وأعداء سودًا، وبيضًا عربًا وعجمًا. وهذا دليل، واضح على كمال دين الإسلام، وحسن ما يدعو إليه من مكارم الأخلاق، يبين أنه دين سماوي لا شك فيه.

وهكذا ربى الإسلام أتباعه على العدل، ونهاهم عن الجور، والظلم قال الله تبارك وتعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ * وأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ ونَتَّبِعِ الرُّسُلَ أولَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ} (إبراهيم: ٤٢ - ٤٥)، وقال سبحانه: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (الشعراء: ٢٢٧)، وفي الحديث القدسي: ((يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا)).

وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من دعوة المظلوم على الظالم ((فلما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال: واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها، وبين الله حجاب)). وقد ورد أن الله -سبحانه وتعالى- يستجيب للمظلوم ولو كان كافرًا فإجابة المظلوم، ونصرته حق تفضل الله -تبارك وتعالى- به على عباده، وأما الكُفر فهذا أمر يجزي الله به الكافرين يوم لقائه؛ فأمر الله -سبحانه وتعالى- المؤمنين بالعدل، ونهاهم عن الجور، والظلم، وبين -سبحانه وتعالى- أنه يحب المقسطين فقال -عز وجل-: {فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الحجرات: ٩)، وقال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (المائدة: ٤٢) فأمر بالعدل في الحكم، ونبه على أن الحاكم المقسط ينال خيرًا عظيمًا، وهو محبة الله، وما بعد محبة الله إلا الحياة الطيبة في الدنيا، والعيشة الراضية في الآخرة.

<<  <   >  >>