وقاتلها يحسبها رجلا، ثُمَّ أن زيادا أقبل بالسبي والأموال فمر على الأشعث ابن قيس وقومه فصرخ النساء والصبيان وبكوا فحمى الأشعث أنفا وخرج في جماعة من قومه فعرض لزياد ومعه فأصيب ناس منَ المسلمين ثُمَّ هزموهم فاجتمعت عظماء كندة إِلَى الأشعث بْن قيس، فلما رأى زياد ذلك كتب إِلَى أَبِي بكر يستمده.
وكتب أَبُو بكر إِلَى المهاجر بْن أَبِي أمية يأمره بإنجاده فلقيا الأشعث بْن قيس فيمن معهما منَ المسلمين ففضا جمعه وأوقعا بأصحابه فقتلا منهم مقتلة عظيمة ثُمَّ أنهم لجأوا إِلَى النجير- وهو حصن لهم- فحصرهم المسلمون حَتَّى جهدوا فطلب الأشعث الأمان لعدة منهم وأخرج نفسه منَ العدة وذلك أن الجفشيش الكندي واسمه معدان بْن الأسود بْن معدى كرب أخذ بحقوه، وقال: اجعلني منَ العدة فأدخله وأخرج نفسه ونزل إِلَى زياد بْن لبيد والمهاجر فبعثا به إِلَى أَبِي بكر الصديق فمنَّ عَلَيْهِ وزوجه أخته أم فروة بنت أَبِي قحافة فولدت له محمدا واسحق وقريبة وحبابة وجعدة، وبعضهم يقول: زوجه أخته قريبة، ولما تزوجها أتى السوق فلم يربها جزورا إلا كشف عرقوبيها وأعطى ثمنها وأطعمها الناس وأقام بالمدينة ثُمَّ سار إِلَى الشام والعراق غازيًا، ومات بالكوفة وصلى عَلَيْهِ الْحَسَن بْن أَبِي طالب بعد صلحه معاوية، وكان الأشعث يكنى أبا محمد ويلقب عرف النار.
وقال بعض الرواة: ارتد بنو وليعة قبل وفاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما بلغت زياد بْن لبيد وفاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا الناس إِلَى بيعة أَبِي بكر فبايعوه خلابنى وليعة فبيتهم وارتد الأشعث وتحصن في النجير فحاصره زياد بْن لبيد والمهاجر اجتمعا عَلَيْهِ وأمدهما أَبُو بكر رضي اللَّه عنه بعكرمة ابن أَبِي جهل بعد انصرافه من عمان فقدم عليهما وقد فتح النجير فسأل أَبُو بكر المسلمين أن يشركوه في الغنيمة ففعلوا، قَالُوا: وكان بالنجيرة نسوة