عهد كعهد أهل قبرس وترك أهل قبرس عَلَى صلحهم والاستعانة بما يؤدون عَلَى أمور المسلمين أفضل، وكل أهل عهد لا يقاتل المسلمون من ورائهم ويجرون عليهم أحكامهم في دارهم فليسوا بذمة ولكنهم أهل فدية يكف عنهم ما كفوا ويوفي لهم بعهدهم ما وفوا ورضوا ويقبل عفوهم ما أدوا.
وقد روى عن معاذ بْن جبل: أنه كره أن يصالح أحد منَ العدو عَلَى شيء معلوم إلا أن يكون المسلمون مضطرين إِلَى صلحهم لأنه لا يدري لعل صلحهم نفع وعز للمسلمين.
وكتب أَبُو إِسْحَاق الفزاري، ومخلد بْن الْحُسَيْن: إنا لم نر شيئا أشبه بأمر قبرس من أمر عربسوس وما حكم به فيها عُمَر بْن الخطاب فإنه عرض عليهم ضعف ما لهم عَلَى أن يخرجوا منها أو نظرة سنة بعد نبذ عهدهم إليهم فأبوا الأولى فأنظروا ثُمَّ أخربت، وقد كان الأوزاعي يحدث: أن قبرس فتحت فتركوا عَلَى حالهم وصولحوا عَلَى أربعة عشر ألف دينار، سبعة آلاف للمسلمين، وسبعة آلاف للروم عَلَى أن لا يكتموا الروم أمر المسلمين، وكان يقول: ما وفى لنا أهل قبرس قط وإنا لنرى أنهم أهل عهد وأن صلحهم وقع عَلَى شيء فيه شرط لهم وشرط عليهم ولا يستقيم نقضه إلا بأمر يعرف فيه غدرهم ونكثهم.
[أمر السامرة]
حدثني هِشَام بْن عمار عَنِ الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو: أن أَبَا عُبَيْدة بْن الجراح صالح السامرة بالأردن وفلسطين، وكانوا عيونا وأدلاء للمسلمين على جزية رؤوسهم وأطعمهم أرضهم فلما كان يزيد بْن معاوية وضع الخراج عَلَى أرضهم.