السمط- أو قَالَ شرحبيل بْن السمط- فلما فتحها أصاب فيها بقرا وغنما، فقسم فينا طائفة وجعل بقيتها في المغنم، وكان حاضر طيء قديما نزلوه بعد حرب الفساد الَّتِي كانت بينهم حين نزلوا الجبلين من نزل منهم وتفرق باقوهم في البلاد، فلما ورد أَبُو عُبَيْدة عليهم أسلم بعضهم وصالح كثير منهم عَلَى الجزية ثُمَّ أسلموا بعد ذلك بيسير إلا من شذ عن جماعتهم، وكان بقرب مدينة حلب حاضر تدعى حاضر حلب يجمع أصنافا منَ العرب من تنوخ وغيرهم فصالحهم أَبُو عُبَيْدة عَلَى الجزية، ثُمَّ أنهم أسلموا بعد ذلك فكانوا مقيمين وأعقابهم به إِلَى بعيد وفاة أمير الْمُؤْمِنِين الرشيد، ثُمَّ إن أهل ذلك الحاضر حاربوا أهل مدينة حلب وأرادوا إخراجهم عنها، فكتب الهاشميون من أهلها إِلَى جميع من حولهم من قبائل العرب يستنجدونهم فكان أسبقهم إِلَى إنجادهم وإغاثتهم العَبَّاس ابن زفر بن عاصم الهلالي بالخؤولة، لأن أم عبد الله ابن العَبَّاس لبابة بنت الحارث بْن حزن بْن بحير بْن الهزم هلالية، فلم يكن لأهل ذلك الحاضر به وبمعن معه طافة فأجلوهم عن حاضرهم وأخربوه، وذلك في أيام فتنة مُحَمَّد بْن الرشيد، فانتقلوا إِلَى قنسرين فتلقاهم أهلها بالأطعمة والكسى فلما دخلوها أرادوا التغلب عليها فأخرجوهم عنها فتفرقوا في البلاد، فمنهم قوم بتكريت قَدْ رأيتهم ومنهم قوم بأرمينية وفي بلدان كثيرة متباينة.
وأخبرني أمير الْمُؤْمِنِين المتوكل رحمه اللَّه قَالَ: سمعت شيخا من مشايخ بني صالح بْن علي بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَبَّاس يحدث أمير الْمُؤْمِنِين المعتصم بالله رحمه اللَّه سنة غزا عمورية، قَالَ لما ورد العَبَّاس بن زفر الهلالي حلب لاغاثة الهاشمين ناداه نسوة منهم: يا خال نحن بالله ثم بك، فقال: لا خوف عليكم إن شاء اللَّه خذلني اللَّه إن خذلتكم، قَالَ: وكان حيار بني القعقاع بلدا معروفا قبل الإِسْلام، وبه كان مقيل المنذر بْن ماء السماء اللخمي ملك الحيرة فنزله