وحدثني العَبَّاس بْن الوليد النرسي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الواحد بْن زياد عن مجلد عَنِ الشعبي، قَالَ: كتب عُمَر إِلَى أَبِي عُبَيْدة ابعث قيس بْن مكشوح إِلَى القادسية فيمن انتدب معه فانتدب معه خلق فقدم متعجلا في سبعمائة، وقد فتح عَلَى سَعْد فسألوه الغنيمة فكتب إِلَى عُمَر في ذلك فكتب إليه عُمَر إن كان قيس قدم قبل دفن القتلى فاقسم له نصيبه، قالوا: وأرسل رستم إِلَى سَعْد يسأله توجيه بعض أصحابه إليه فوجه المغيرة بْن شعبة فقصد قصد سريره ليجلس معه وعليه فمنعته الأساورة من ذلك، وكلمه رستم بكلام كثير، ثُمَّ قَالَ له: قَدْ علمت أنه لم يحملكم عَلَى ما أنتم فيه إلا ضيق المعاش وشدة الجهد ونحن نعطيكم ما تتشبعون به ونصرفكم ببعض ما تحبون، فقال المغيرة. إن اللَّه بعث إلينا نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسعدنا بإجابته واتباعه، وأمرنا بجهاد من خالف ديننا (حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ) ٩: ٢٩، ونحن ندعوك إِلَى عبادة اللَّه وحده، والإيمان بنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن فعلت وإلا فالسيف بيننا وبينكم، فنحر رستم غضبا، ثُمَّ قَالَ. والشمس والقمر لا يرتفع الضحى غدا حَتَّى نقتلكم أجمعين، فقال المغيرة: لا حول ولا قوة إلا بالله وانصرف عنه، وكان عَلَى فرس له مهزول وعليه سيف معلوب ملفوف عَلَيْهِ الخرق.
وكتب عُمَر إِلَى سَعْد يأمره بأن يبعث إِلَى عظيم الفرس قوما يدعونه إِلَى الإِسْلام، فوجه عَمْرو بْن معدي كرب الزبيدي، والأشعث بْن قيس الكندي في جماعة فمروا برستم فأتى بهم، فقال. أين تريدون، قَالُوا صاحبكم فجرى بينهم كلام كثير حَتَّى قَالُوا إن نبينا قَدْ وعدنا أن نغلب عَلَى أرضكم فدعا بزبيل من تراب، فقال: هَذَا لكم من أرضنا، فقام عَمْرو ابن معدي كرب مبادرا فبسط رداءه وأخذ من ذلك التراب فيه وانصرف،